مع اقتراب موعد إعلان نتائج شهادة التعليم المتوسط، يتجدد النقاش حول طريقة احتساب معدل النجاح، خصوصًا فيما يتعلق بالمواد غير الأساسية على غرار التربية التشكيلية والتربية الموسيقية. ورغم أن النصوص القانونية واضحة في هذا الشأن، إلا أن الممارسة الميدانية تكشف عن خلل جوهري يهدد مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ.
الإطار القانوني المعتمد
حسب القرار الوزاري رقم 25 المؤرخ في 04 أكتوبر 2012، المعدل للقرار الوزاري رقم 33 الصادر بتاريخ 17 سبتمبر 2006، فإن معدل شهادة التعليم المتوسط يُحسب على أساس المواد الأساسية فقط، أي المعدلات مضروبة في معاملاتها ثم تقسيم الحاصل على مجموع المعاملات (25).
غير أن القرار أضاف ما اعتُبر آنذاك ميزة لصالح التلاميذ، حيث تم اعتماد نقاط إضافية تُمنح للتلميذ في حال حصوله على علامة تفوق 10/20 في مادتي التربية التشكيلية أو التربية الموسيقية، دون أن يكون لهما معامل. وتُحتسب هذه النقاط الإضافية بطريقة بسيطة:
مثلًا، إذا تحصّل التلميذ على 19/20 في مادة التربية التشكيلية، تُضاف 9 نقاط (الفرق بين 19 و10) إلى مجموع النقاط قبل قسمة الحاصل على 25.
الإشكال: غياب الإنصاف في التطبيق
رغم حسن نية واضعي القرار، إلا أن التطبيق العملي لهذه النقاط الإيجابية لا يتم بشكل عادل بين جميع المترشحين. ففي عديد المؤسسات التربوية، وخصوصًا في المناطق الداخلية أو النائية، لا يتم تدريس مادتي التربية التشكيلية أو الموسيقية بسبب نقص التأطير البيداغوجي أو غياب أساتذة متخصصين. وبالتالي، فإن تلاميذ هذه المؤسسات لا يستفيدون إطلاقًا من هذه النقاط الإضافية، مهما كانت نتائجهم ممتازة في المواد الأساسية.
أمثلة واقعية تكشف الخلل
لنأخذ المثال التالي لتوضيح المفارقة:
مترشح متفوق يتحصل على معدل 19.50/20 في المواد الأساسية، لكنه يدرس في متوسطة لا تُدرّس مادتي التربية التشكيلية أو الموسيقية.
مترشح آخر يتحصل على معدل 19.30/20 فقط، لكنه استفاد من 9 نقاط إضافية في مادة التربية الموسيقية، تُضاف إلى المجموع العام، أي ما يعادل تقريبًا 0.36 نقطة إضافية على المعدل العام، مما يرفعه نظريًا إلى معدل 19.66/20.
النتيجة؟ المترشح الثاني يتفوق في الترتيب العام على زميله رغم أن أداءه الأكاديمي في المواد الأساسية أضعف.
وبالعودة إلى مثال شهير وملفت من نتائج دورة 2022، فإن التلميذة عفاف عقاب من متوسطة “الوئام” في العامرية، ولاية عين تموشنت، والتي تحصّلت على أعلى معدل في تاريخ شهادة التعليم المتوسط: 20/20، لم تكن علاماتها كلها 20، حيث سجلت مثلًا 18.5 في التاريخ والجغرافيا و19.5 في اللغة الفرنسية وعلوم الطبيعة، لكنها استفادت من نقاط إضافية في مادة التربية التشكيلية التي نالت فيها علامة 19.40/20، أي ما يقارب 9.40 نقاط تضاف إلى المجموع، وهو ما ساهم في رفع معدلها إلى العلامة الكاملة اي 20 من 20.
ولا غبار على استحقاق التلميذة عفاف عقاب لتفوقها، لكن هذا المثال يسلّط الضوء على الفرق الذي قد تحدثه المواد غير الموحدة في تدريسها عبر كل المؤسسات.
يرى مختصون في التربية والتقييم المدرسي أن من الضروري إعادة النظر في الطريقة الحالية لاحتساب النقاط الإضافية، سواء من خلال:
إلغاء احتسابها تمامًا في المعدل العام في حال تعذر ضمان تدريسها لجميع التلاميذ على قدم المساواة، أو إلزام جميع المؤسسات بتوفير أساتذة لهذه المواد لضمان العدالة البيداغوجية، أو اعتماد صيغة بديلة تُقيَّم فيها هذه المواد ضمن النشاطات الداخلية ولا تؤثر على الترتيب الوطني.
ويخلص هؤلاء المختصون إلى أن مبدأ العدالة التربوية هو حجر الزاوية في أي إصلاح تعليمي ناجح، وأي خرق لهذا المبدأ مهما بدا بسيطًا أو تقنيًا يمكن أن يُفقد التلاميذ الثقة في منظومة التقييم. لذا، يأمل المتابعون أن تتعامل الوزارة الوصية مع هذه الملاحظة بجدية، وأن تبادر إلى تصحيح الخلل بما يُعيد التوازن ويُكرّس الإنصاف لجميع تلاميذ الجزائر دون استثناء.
سكندر