تشهد العلاقات الجزائرية – الفرنسية تحركات جديدة تهدف إلى تهدئة التوترات وتعزيز التعاون بين البلدين، وذلك من خلال المبادرات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. ورغم هذه الجهود، لا يمكن إغفال الحملات الإعلامية والسياسية العدائية التي يقودها بعض الأوساط المؤثرة في فرنسا، والتي تسعى إلى تشويه صورة الجزائر، البلد الذي قدم تضحيات جسيمة من أجل استقلاله وحريته. هذه الهجمات التي تحمل طابعًا عدائيًا وتمييزًا ضد الجزائر جرحت مشاعر الجزائريين والفرنسيين على حد سواء، وأعادت فتح جراح تاريخية لم تلتئم بعد.
وفي هذا السياق، أكد الناشط الجزائري يوغورثن أياد على أهمية تبني حوار صادق وبنّاء، قائم على الحقيقة والاحترام المتبادل، معتبرًا أن الاعتراف بالجرائم الاستعمارية يشكل خطوة ضرورية نحو مصالحة حقيقية ودائمة. كما شدد على أن الذاكرة التاريخية يجب ألا تكون عبئًا، بل جسرًا نحو مستقبل يقوم على العدل والكرامة.
ورغم التوترات، تبقى المصالح المشتركة بين البلدين دافعًا قويًا نحو تجاوز الخلافات، حيث يقيم أكثر من 4 ملايين جزائري في فرنسا أو تربطهم علاقات مباشرة وغير مباشرة مع وطنهم الأم، مما يجعل من هذا الرابط الإنساني والثقافي عنصرًا أساسيًا في العلاقة بين الدولتين. كما أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يشهد زخمًا متزايدًا، حيث تنشط أكثر من 500 شركة فرنسية في الجزائر، في مناخ يسوده التفاهم والشراكة البناءة.
وتتمتع الجزائر بموقع استراتيجي مهم يجعلها فاعلًا أساسيًا في الديناميكيات الاقتصادية الإفريقية، كونها نقطة عبور للطاقة وبوابة رئيسية للقارة السمراء. وفي المقابل، تبقى فرنسا قوة اقتصادية عالمية ذات تأثير كبير. وبالنظر إلى التحديات الأمنية والجيوسياسية الراهنة، فإن تعزيز التعاون بين الجزائر وفرنسا يصب في مصلحة البلدين، ويتيح لهما بناء علاقة قائمة على مبدأ “رابح – رابح”.
وفي ظل التحولات التي يشهدها العالم، تبقى استقرار العلاقات بين باريس والجزائر عاملًا أساسيًا ليس فقط لمصلحة البلدين، بل أيضًا لتحقيق توازن إقليمي ودولي. ومن هذا المنطلق، دعا أياد إلى دعم المبادرات التي تعزز الاحترام والصداقة بين الشعبين، معتبرًا أن تجاوز الخلافات التاريخية والتوجه نحو مستقبل مشترك سيسهم في إرساء شراكة قوية ومستدامة بين الجزائر وفرنسا.