علاقة الجزائري بكرة القدم، علاقة قوية منذ زمن، هكذا! نحب اللعبة، نتتبعها محليا إقليميا دوليا بل حتى “كارطيا” فالحماس الموجود في بطولات ما بين الأحياء قد تفتقده دوريات رسمية!
نأكل أظافرنا في كل مقابلة.نصرخ قليلا، نشتم كثيرا.نفرح حين ننتصر،يتعكّر مزاجنا حين تحل الهزيمة. نقيم نقاشات لا تنتهي حول اللاعب الفلاني والحكم الفلاني. ومازلنا نتحدث عن فوزي غلام ونتساءل لما لم يخرجها للتماس ضد تونس! كل هذا عادي، وموجود في كل بقاع العالم. ولا يمكن لوم الجزائري حيال ذلك،كما يفعل البعض بنوع من الإستعلاء.ظانين بأن كون كرة القدم لعبة شعبية،فمعارضتها وتسفيه من يتابعونها بشغف يعني نخبوية بالضرورة.
وبالعودة إلى خسارة المنتخب الوطني وضياع حلم التأهل إلى مونديال روسيا العام القادم، نجد أنها تزامنت مع أزمة المياه التي تعيشها ولايات عدة من الوطن بشكل لم تعرفه الجزائر على الأقل منذ عشر سنوات، رغم هذا أنا شخصيا فكرت وتابعت المقابلة أكثر مما تابعت تفاصيل أزمة المياه ونفاذ منسوب السدود وتداعياته الكارثية في حال لم يجد المسؤولون الحلول سريعا،بكل صراحة لم أركز في الأرقام وفي تصريحات المسؤولين ( السطحية والتنصلية) حول قضية المياه إلا بعد أن طوينا قضية مونديال 2018،دون أن أقصد ودون أن أخطط وجدت نفسي أستنشق أفيون الكرة الى درجة أنستني عطشي!! أبالغ؟ ربما! لا أظن صراحة أعقتد أننا نعاني من مشكلة أولويات في حال ما سلمنا بأن الترفيه شيء كمالي،وهنا أوضح بسرعة أني لست ممن يعيبون على الناس حب الكرة بل الهوس بها.. لا! كيف أفعل وأنا مازالت أعيد أهدافنا في كأس العالم كلما ” طاح المورال”..لكن علينا بكل صراحة أن نضع قلوبنا في قضايا أخرى أهم من حين لآخر. على الأقل في انتظار تصفيات مونديال قطر 2022!!
كم من مرة وجدنا أنفسنا نسارع في البحث عن أولوياتنا من جديد ،بعد كل حدث كروي بارز! قد يقول أحدهم أني لم أذكر الأحداث السياسية الحالية،ومطالب البعض بتطبيق المادة 102 من الدستور لإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية،ببساطة لأني مؤمن أن كرة القدم ليست هي من أبعدت الجزائري عن “البوليتيك” ومشاكلها. بل كرة القدم تخطت ذلك في أوج عطائها التخديري، فقد إستطعات ولو لمهلة محددة إبعاد الجزائري عن مشاكله الإجتماعية التي يطالب بها دون أي خوف ولا إنقطاع منذ عشريات. عكس المطالب السياسية التي تستلزم أكثر بكثير من خسارة بطاقة تأهل لمونديال كي يهتم الناس بها.بعد أن شيطنت الممارسة السياسية كليا،وبعد أن صارت أول جملة ينطقها من يطالب بصهريج ماء..هي “خاطينا السياسة”!
جعفر خلوفي