لم يكن الوصول الى طاڨطيوت سهلا، فعلى سفوح جبال الأوراس، وعلى مرتفعات جبل أحمر خدو ووديان تاجموت ببلدية المزيرعة وعلى مسافة 100 كلم عن مدينة بسكرة تتراءى لك قرية طاڨطيوت على ارتفاع 1745 متر.
3 ساعات مشيا بالسيارة للوصول إلى مرتفعات طاڨطيوت
كانت الانطلاقة من وسط مدينة بسكرة – عروس الزيبان- على الساعة السابعة صباحا، ولمدة ثلاثة ساعات، من السير في المرتفعات الجبلية، التي تعاقبت على أرضها الحضارات والثورات.
ونحن في طريقنا إلى المرتفعات كانت الطريق مهترئة ومتقطعة من حين لاخر، مما زاد الرحلة تشويقا ، أحجار كبيرة تعترضنا، منعرجات خطيرة يتخطاها سائق السيارة وهو يحدثنا عن تاريخ المنطقة وسبب هجران أهلها سنوات الارهاب.
واصلنا التقدم فظهر من بعيد جبل أحمر خدو التابع لسلسة الأوراس والذي يبعد عن بلدية المزيرعة حوالي 50 كيلومترا، ثم قطعنا طريقنا نحو قلعة كباش التي عاش فيها القائد الجزائري ابن مدينة قسنطينة ” أحمد باي”، حيث اتخذها حصنا له حارب فيها المستعمر الفرنسي ودرب جيوشا حاشدة دافعت عن الجزائر وأربكت المستعمر إلى أن ألقي عليه القبض بعدها.
مسجد سيدي علي بن موسى
كان يعرف قديما بزاوية سيدي علي بن موسى في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كانت الزاوية معروفة بنشاطاتها الخيرية التي ينتظرها سكان القرى المجاورة كأريس وتكوت و غسيرة، لتبادل السلع التجارية وإعداد الولائم و اللمات لمساعدة الفقراء والمحتاجين وفك النزاعات وحل الخلافات من قبل كبار القرية وسميت بسوق الخريف، حيث كانت تقام في موسم نهاية كل صيف.
لكن سرعان ما فقدت الزاوية نشاطاتها في فترة التسعينات بسبب الإرهاب، مما أدى الى نزوح سكان قرية طاڨطيوت الى بلدية المزيرعة خوفا من فقدان عائلاتهم وأسرهم.
وتحولت الزاوية منذ أكثر من ستة سنوات لمسجد تقام فيه الصلاة بمبادرة من السيد علي صراوي صاحب مشروع دار الضياف بقرية طاڨطيوت.
اللحم المردوم…. أكلة شعبية تشتهر بها قرية طاڨطيوت
وجبة تقليدية تتميزبها المنطقة، يتم تحضيرها بتسخين الكوشة او الهوجة كما يطلق عليها بالشاوية، يقوم الطاهي باشعال الحطب، ووضعه بالداخل ليزيد من حرارة الكوشة، ووضع قطع كبيرة من اللحم تكون متبلة بتوابل طبيعية كالكروج والعرعار والإكليل، وسد مدخلها بالطين الطبيعي ، تدوم مدة طهوها ساعة ونصف لتصبح جاهزة للاستهلاك.
فتح الطريق الى قرية طاڨطيوت … مطلب أساسي لسكان المنطقة
رغم كل المزايا التي تزخر بها طاڨطيوت من ثراء وتنوع، أراضي فلاحية ، طبيعية ونقية مائة بالمائة، ومساحات مزروعة لحوالي 3500 شجرة تفاح ولوز، الا انها تتخبط في جملة من المشاكل التي أرقت حياة قاطنيها ، في ظل سياسة التهميش والبيروقراطية.
كل هذه المشاكل لم تثبط من عزيمة السيد علي صراوي صاحب مبادرة مشروع “دار ضياف، لاعادة تعمير المنطقة وتشجيع السكان للروجوع الى القرية.
يتحدث السيد علي صراوي لموقع طريق نيوز ” بدأنا العمل على المشروع منذ سنة ونصف تقريبا، وتتربع المساحة على 1000 متر مربع، فيها طابقين، الطابق الأرضي مخصص للنساء، والطابق العلوي مخصص للرجال”.
ويضيف شكيب المسؤول الادراي في شركة صراوي غلوبال بيلد ينغ “هناك رغبة كبيرة من طرف السكان للرجوع الى القرية ، الا أننا نعاني من مشكل عدم وجود طريق، تسهل على السكان التنقل في فصل الصيف الى القرية للراحة والاستجمام.
وأضاف علاوة أغلبية قاطني بلدية المزيرعة يلجؤوون إلى الكراء في التل ومنطقة الأوراس في فصل الصيف في حين لديهم أراضي هنا، يستطيعون قضاء موسم الحر فيها دون نفقة ومشقة السفر اذا كانت هناك رغبة من الدولة في مساعدتهم على فتح الطريق”.كما قال أيضا لموقع طريق نيوز ” نناشد السلطات المحلية بالنظر في ملف تعبيد الطريق ، التي تم تعبيد مساحة 27 كلم منها فقط ، بأموال الجمعية دون اكمال باقي المسافة والتي تقدر ب23 كلم فقط”، ويضيف أيضا ” حفرنا ثلاث أبار مائية عمقها يترواح بين 200إلى 250 متر ، لكن الوسائل غير متوفرة للوصول الى المياه، وكل هذا يرجع الى اهتراء الطريق لسبب نجهله حد الساعة”.
وفي هذا الصدد يقول علي صراوي صاحب مبادرة مشروع “دار ضياف” انقطاع الطريق يعيق أشغالنا في اكمال المشروع ولا نفهم حتى الان سبب توقف الأشغال لفتح طريق لقرية طاڨطيوت “.
وحول مشروع دار ضياف يقول علاوة “المشروع مكتمل تقريبا، مازلت نسبة أشغال تقدر ب 5 إلى 6 في المائة، وسيكون جاهزا في فصل الصيف، للمبيت والراحة، حيث تصل درجة الحرارة في فصل الصيف حتى 22 درجة مئوية”.
وفي حين أن الدولة تشدد على ضرورة التركيز على المناطق المعزولة التي تفتقد لأدنى شروط الحياة على غرار الكهرباء وشبكات المياه والطرقات تبقى قرية طاڨطيوت من أكبر مناطق الظل والتي تواجه صعوبة حقيقية في تعبيد طريق وفتحها أمام السكان لاعادة تعميرها والمساهمة في رفع الاقتصاد الوطني بالاستثمار في الانتاج الفلاحي.
نجوى راهم