سفيان مقنين صحفي بالتلفزيون الجزائريمنذ 2009 وحاليا يشتغل صحفيا في قسم الاخبار بمحطة وهران الجهوية، حائز على جائزة أحسن عمل صحفي فئة الحلول في الطبعة الاولى للمسابقة الوطنية للصحافة البيئية.
سؤال : بدايةً، كيف أثرت تجربتك في المسابقة الوطنية للصحافة البيئية على تطور مسيرتك الصحفية؟ وهل كانت هذه المسابقة نقطة تحول لك في مجال الصحافة البيئية؟
سفيان مقنين : بعد تجربة أولى في محطة ورقلة الجهوية انتقلت للعمل في العاصمة ببرنامج صباح الخير يا جزائر و كنت مكلفا بإعداد مواضيع تقترب من القضايا البيئية إضافة إلى تقديم ركن بيئي أسبوعي وهو ما وطد علاقتي بهذا الميدان. فوزي بالجائزة كان تتويجا لهذا المسار أكثر من كونه نقطة تحول لأنني حاليا مكلف بتغطية مجالات متنوعة ربما تكون البيئة إحداها لكنها ليست موضوعا أساسيا في عملنا الحالي بكل صراحة.
سؤال : من خلال تجربتك، ما هي التحديات الرئيسية التي واجهتها أثناء إعداد تقارير بيئية، وكيف تعاملت مع هذه التحديات؟
سفيان مقنين: موضوع البيئة في الجزائر واسع ويشمل عديد الفاعلين من سلطات ومؤسسات وهيئات محلية و وطنية التحدي الكبير هو أن لا يكتفي الصحفي بعرض المشاكل لأن من السهل جدا على أي إعلامي أن ينتج مواضيع شتى عن سلبيات التلوث بأنواعه البرية والبحرية والجوية ورمي النفايات وعدم احترام المحيطات الغابية والحضرية لكن أهم شيء هو اقتراح الحلول أيضا وتسليط الضوء على المبادرات الجادة التي تتخذها الدولة أو المواطن لمحاربة أو التقليل من هذه الآفات والمظاهر. التحدي بالنسبة لي هو أن نجد من يأخذ زمام المبادرة ونرافقه إعلاميا في مشاريع تتسم بالاستمرارية لا بالمناسباتية فقط.
سؤال : بعد فوزك في المسابقة، هل لاحظت تغيرا في كيفية تناول وسائل الإعلام للقضايا البيئية في الجزائر ؟ وكيف تقيم التفاعل الإعلامي مع هذه القضايا؟
سفيان مقنين : الميدان البيئي واسع ومتشعب ويتطلب اندماج والتزام كل الفاعلين والمؤثرين ويبدو أن الإعلام واحد منهم لكن الإعلام وحده لا يكفي.. بالنسبة لي أن نصور مجموعة من المواطنين أقاموا مبادرة لتنظيف الحي يشارك فيها السكان من كل الاجناس والاعمار أحسن بكثير من تصوير موضوع عن انتشار النفايات في المحيطات السكنية لكن لو تم تحديد مسؤوليات البلدية والمواطن من البداية في موضوع النفايات الحضرية فلن نحتاج أصلا لتغطية الموضوع واعتقد بصراحة أن موضوعا صحفيا عن مبادرة لتنظيف الحي يشبه تغطية لقطار السابعة صباحا الذي ينطلق من المحطة على السابعة صباحا.
سؤال : هل تعتقد أن الصحافة البيئية يمكن أن تؤثر فعلاً على السياسات العامة في الجزائر ؟ كيف يمكن للإعلام أن يكون محركا للتغيير في هذا المجال؟
سفيان مقنين: اعتقد أن الاعلام هو انعكاس للسياسات العامة أكثر من كونه صانعا للتغيير فيها وقد أصبح ذلك جليا حتى في أكثر الدول احتكاما للديموقراطية في نظر البعض لذلك نكتفي بمرافقة ما تضعه السلطات العمومية من خطط وما يجود به المجتمع المدني والجمعيات البيئية من مقترحات وأفكار وحتى ما نراه من مبادرات فردية في مجالات مثل الرسكلة فنسلط عليها الضوء من خلال قصص اخبارية مشوقة وقبل أن نطالب الإعلام بأن يقود القاطرة فيجب أن نبحث عن المناضلين البيئيين في كل مدينة وعددهم ليس كبيرا وحين ينطلق القطار الذي لاينتظر أحدا فالأكيد أننا سنكون ضمن عرباته ولن نتخلف.
منذ أكثر من عشر سنوات ونحن نسمع عن قرارت واجراءات لمنع تداول الاكياس البلاستيكية في الجزائر وقد حررت مئات المقالات وانجزت عشرات الريبورتاجات حول مخاطر الاكياس المسرطنة وتأثيرها على الصحة العمومية والمحيط البيئي لكننا لن نصل للقضاء عليها ولا يمكن للاعلام وحده أن يفعل.
سؤال : هل ترى أن المسابقة ساعدت في إحداث تغييرعلى مستوى الوعي البيئي في المجتمع الجزائري؟ وما هي أبرز الإنجازات التي حققتها من خلال هذه التجربة؟
سفيان مقنين: من المبكر أن نحكم على هذه التجربة الرائعة لكن مجرد التفكير والتخطيط ثم تجسيد هذه المبادرة على أرض الواقع من طرف شباب كان لي الشرف أن أتعرف على بعضهم وأقف على جديتهم وإخلاصهم يعتبر انجازا في حد ذاته خاصة وأننا نعيش في مجتمع وظروف لا تجعل من المواضيع البيئية على رأس قائمة اهتماماتنا شخصيا يجعلني ذلك أبحث عن تقديم الاضافة الى المشهد البيئي اعلاميا كلما سنحت لي الفرصة ولو على نطاق محلي تجسيدا للمقولة الشهيرة: لو نظف كل مواطن أمام مدخل بيته سيكون كل الشارع نظيفا
سؤال : في رأيك ما هي النقاط التي يجب أن يركز عليها الصحفيون البيئيون في الجزائر في المستقبل لكي يكون لهم تأثير أكبر على القضايا البيئية المحلية والعالمية؟
سفيان مقنين : الصحفي اينما كان وحيثما اشتغل يستطيع الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة في مجتمعه ومدينته . من حق دول العالم أن تعقد المؤتمرات الكبرى وتضع الاجندات الدولية التي تحدد الاولويات البيئية لكني أرى أن لكل أولوياته التي يمكن أن يعالجها بطريقته. مؤخرا انجزت موضوعا عن مسابقة أجمل حي في سيدي بلعباس من بين كل الأحياء المشاركة تأهلت ثلاثة أحياء سكنية وكلها خارج مقر الولاية وتواجد في مناطق ريفية وقد لاحظت أثناء زيارتي كلها حجم انخراط السكان ووعيهم بضرورة وأهمية العيش في محيط نظيف وقدرتهم على إبداع أفكار تزيينية ووظيفية أعجبتني كثيرا وزادت من جمال الموضوع الذي بث في نشرة الخبار بالتلفزيون الوطني.
سؤال : هل تعتقد أن هناك دعم كاف للصحافة البيئية في الجزائر ؟ ما الذي يحتاجه الصحفيون البيئيون من المؤسسات الإعلامية أو الجهات الحكومية لتعزيز عملهم؟
سفيان مقنين : الاعلام في هذا العصر بحاجة إلى شيئين اثنين: التكنلوجيا و التكوين . من الناحية التكنلوجية علمتنا صور الدرون مثلا أن بلدنا جميل جدا من الناحية الطبيعية ولسنا بحاجة إلى يان ارتور بيرتران صاحب فلم ” الجزائر من عل” كي يخبرنا بذلك ،أما من ناحية التكوين فأرى أن التخصص مهم جدا للاعلام والاعلامي المحترف وأن على الهيئات والمؤسسات الوطنية المكلفة بتغطية المجال البيئي أن تأخذ على عاتقها مهمة تكوين الصحفيين في كل فرصة كي تصل الرساله عبر الاعلام بشكل واضح ودقيق وفعال.
سؤال: فوزك في المسابقة وضعك في دائرة الضوء. كيف ترى دور الصحافة البيئية في تشكيل رأي عام إيجابي يدفع نحو حلول مستدامة للقضايا البيئية في الجزائر ؟
سفيان مقنين: الرأي العام حاليا لا تشكله الصحافة لوحدها بل اصبح للمؤثرين ووسائل التواصل الاجتماعي الدور الاكبر والاخطر في ذلك. مبادرة الجزائر الخضراء مثلا منطلقة بأقصى سرعة عبر ولايات الوطن ويتجند لخدمتها عديد المواطنين عن طيب خاطر. دورنا كإعلام هو تشجيع ومرافقة كل مبادرة ايجابية في المجتمع تعمل في اطار قوانين الجمهورية وتخدم الصالح العام للمجتمع.
سؤال : هل ترى أن هناك فجوة في تغطية بعض القضايا البيئية الهامة في الجزائر ؟ كيف يمكن لوسائل الإعلام سد هذه الفجوة وزيادة الاهتمام بالقضايا التي قد تكون مغفلة؟
سفيان مقنين: تغطية أي قضية بيئية أو في أي ميدان آخر تستوجب توفر المعلومة الصحيحة والمؤكدة . توفير احصائيات ومعطيات محدثة وإتاحتها بشكل سهل للاعلاميين يشجعهم ويسهل عليهم مهمة تناول القضايا البيئية بشكل أكثر كثافة في مختلف وسائل الاعلام.
أعود لما قلته في البداية البيئة هي قضية الجميع كل موقعه وكل حسب جهده واذا كانت البيئة سفينة شراعية فدور الاعلام فيها ليس توفير الرياح بل ضبط الاشرعة
سؤال : أخيرًا، ما هي رسالتك للصحفيين الشباب الذين يطمحون إلى العمل في الصحافة البيئية؟ وكيف يمكنهم تحسين قدراتهم في تغطية القضايا البيئية بشكل فعال؟
سفيان مقنين: موضوع البيئة هو هوية وثقافة شخصية حين تتوفر في الصحفي فهي تسهل عليه وتدفعه للتخصص في مواضيع البيئة لانها مواضيع تلامس احاسيسنا ومشاعرنا المحبة للجمال والنظافة والتنوع والثراء والطبيعة بكل ابعادها الحسية والمحسوسة.من حظ الصحفي أنه يلقى قبولا لدى الاداريين و الجمعويين و المناضلين الميدانيين والمسؤلين المحليين وعليه أن يوظف كل تلك الآراء والمعلومات التي يأخذها من كل الاطراف لبث المعلومة الصحيحة التي تساهم في رفع الوعي والثقافة البيئية لدى عموم المواطنين.