نظمت دار النشر البرزخ في مكتبتها الجديدة شجرة الأقوال،جلسة نقاش وحوار بمناسبة صدور العمل الروائي الجديد للصحفي عدلان مدي تحت عنوان “1994 “. الرواية تغوص بالقارىء ، إلى أعماق سنوات النار والجحيم .يبحر بنا عدلان الى سنة شهدت تصعيدا في العنف المسلح، على لسان أربع شخصيات مراهقة لا تزال في مرحلة التعليم الثانوي بمدرسة عبان رمضان بالمحمدية.
يقرر الشباب تشكيل مجموعة مسلحة، تقود أعمالا انتقامية ضد تيار الحركات الدينية . مشاهد عن العنف، القتل ، الإنفجارات، أصوات الرصاص و القنابل..تلك هي يوميات شباب إختارهم القدر ليعيشوا في وسط حرب لم يكونوا طرفا فيها. لكن الرغبة في الحياة وفي الثأر وفي صناعة حاضرهم، تدفعهم رأسا في عمل عصاباتي موازي كخيار اضطراري و موقف رجولي أمام آلة الموت الحاصدة.
يحاول صاحب رواية ،البحث و الاجابة عن تساؤلات ، لما يختار مراهق لم يعش بعد الموت بدل الحياة؟،وعوض التعلق بالحب يختار (أو يجبر) على الخوف؟ و في مقابل البحث عن الجمال يكتشف الكراهية؟ كيف تشوم عينه بالأجساد المترامية و الجثث العفنة عوض صورة جسد جميل.
المكان له دلالة رمزية في العمل الروائي. الحراش الجهة الشرقية للعاصمة، تملك خصوصياتها، فهي مدينة متمردة . تحمل الفوضى في تركيبتها . ترفض سلطة المركز وكل ما يمثلها، هي مدينة متعددة، متنوعة، مختلفة، تعيش فيها الطبقات الاجتماعية جنب إلى جنب ،الغني مع الفقير و القوي مع الضعيف . كانت قاعدة النضال الشيوعي وحاضنة للتيار الديني ،المعتدل و الجهادي , مدينة الملاكمة و كرة القدم .
قبل أن يفجر العنف الذي حصل من 1994 الى غاية 2004 ،العلاقات الانسانية وصداقات الطفولة.
بعد وفاة والد أمين، ينهار هذا الأخير نفسيا وعصبيا يوضع في مستشفى للأمراض العقلية . سيدعلي يلجأ إلى عوالم المافيا في فرنسا ، ليقرر العودة إلى الوطن من أجل مسح جروح الماضي مع أصدقاء الأمس.
يقول عدلان مدي ” لم أحاول كتابة التاريخ كمؤرح أو صحفي ،أتحدث عن مرحلة فارقة في مدينة الحراش ، أحكي يوميات شخاص مراهقين تعلقوا بالحياة وواجهوا العنف بالعنف .الرواية لا تعكس الذاكرة و لا محاولة الفهم بالمعنى الاكاديمي . لكن كان علي شخصيا ان أعثر على ذاتي وسط كل هذا . في أعماق كل واحد منا أسرار نحتاج إلى اكتشافها . هذه الرواية هي الخلاص من تلك المعاناة و جواب ولو بسيط عن الاسئلة الحارقة” .
صنف صاحب دار النشر البرزخ يوسف حجاج الرواية ضمن خانة “الرواية السوداء”، لكن حتى و إن حمل هذ العمل جوانب بوليسية لكن طريقة كتابته و الايمان به و اللمسة الانسانية و العاطفية في التعلق بالمكان الحراش و الزمان 1994 ترك لوحة فنية شكلية ترسم معاناة جيل لا تزال هواجس العشرية تتبعه إلى اليوم.
لشموت عمار