تقع مدينة خميسة الأثرية، التي كانت تُعرف سابقًا باسم “تبرسق”، في ولاية سوق أهراس الجزائرية،لتصبح هذه المدينة بمثابة كتاب مفتوح يحكي قصص الحضارات المتعاقبة التي مرت على المنطقة، فقد بدأت المدينة كنواة نوميدية أسسها البربر، وسرعان ما تفاعلت مع الحضارة القرطاجية، كما نقلته شواهد القبور والنقوش الليبية والبونيقية المكتشفة.
عندما وصل الرومان، شهدت المدينة فترة حكم مزدوجة استمر فيها النظام النوميدي إلى جانب الحكم الروماني، لتبلغ خميسة ذروة ازدهارها في عهد الإمبراطور الروماني “تراجان”، ومع القرن السادس الميلادي، تم الاستولاء على المدينة من قبل البزنطيين،لتشهد تطورًا ملحوظًا في البناء والتجارة، خاصةً في صناعة الفخار وزيت الزيتون، وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي على ضفاف “وادي مجردة”.
تتميز “خميسة “بتصميمها المثلثي الفريد، حيث تتكون من جزأين رئيسيين: المدينة العتيقة والمدينة الجديدة، وكنتيجة للتوسعات المتتالية عبر العصور أصبحت المدينة تضم ساحتين عامتين، مما أكسبها لقب “مدينة الساحتين”، أما في عام 1968، تم تصنيف مدينة خميسة ضمن التراث الوطني المحفوظ، لتضم اليوم مجموعة رائعة من المعالم الأثرية، كالمسرح والحمامات والمعابد والأروقة، والقلعة البيزنطية، والمسبح ذو الشكل الغيتاري، لتستقطب في كل مرة السياح ومحبي الآثار.
اليوم، تظل مدينة خميسة الأثرية شاهدة على تاريخ طويل من المقاومة والنضال، حيث تحتفظ بذكرى تاكفاريناس والثوار النوميديين الذين قاوموا الحكم الروماني، لتصبح معلم تاريخي زاخر بالكنوز، يروي قصصًا ملهمة من الماضي العريق.
عمراني ضحى