يتحدث البرلماني السابق يوسف خبابة، في مقاربة عن توجهات الحكومة لإلغاء الدعم بين الربح والخسارة، ومدى مقدرة صاحب المهمات القذرة في تحقيق ذلك، خاصة وان امامه رهانات هامة منها استرجاع الملايير المحوّله لدعم المواد الاساسية وكيفية توزيع منح على مستحقيها وغيرها من الامور التي وجب النظر ودراستها وخلصة مراجعة الاحور، حسب خبابة.
وقال خبابة في تصريح مكتوب اطلعت “طريق نيوز” عليه:”تتوالى التصريحات الرسمية (بضرورة رفع الدعم) كما تتوالى خطابات التخويف والهلع المصاحبة لها لمحاولة إقناع الرأي العام بأن الأمر لم يعد خيارا من الخيارات بل اضحى منفذ النجدة الوحيد لإنقاذ البلد من انهيار اقتصادي وشيك باتت ساعاته تحسب وفقا لتسارع تآكل مخزون احتياطات الصرف ..
وبلغة الأرقام فان الحكومة وفقا لتصريحات وزيري المالية والتجارة قد خصصت خلال 2018 مبلغا بحوالي 1800مليار دينار (17مليار دولار تقريبا) لدعم المواد الأساسية من خبز وحليب وزيت وسكر وطاقة وسكن وهو ما يعادل 25%من حجم الميزانية ل 2018″. واشار الى ان تريد الحكومة ان تسترجع جزءا هاما من هذا المبلغ من خلال تحرير الاسعار ورفع الدعم عن المواد .. وتوجيه الدعم إلى العائلات المستحقة عن طريق مِنحٍ تصرف على اساس المداخيل وعدد افراد العائلة، مضيفا ان هذا يحتاج إلى دراسات عميقة وهندسة مالية بالغة التعقيد قد لا تتوفر الحكومة على معطياتها في ظل سوق موازية تستحوذ على قرابة 5000مليار دج خارج الشبكات البنكية حسب تصريح محافظ بنك الجزائر بالبرلمان أمس الاثنين..
كما اضاف السياسي :”ولحدّ الآن لم تحدد الحكومة المبلغ المالي المستهدف من هذه العملية سوى تصريح وزير المالية الأسبق على القناة الثالثة مؤخرا الذي أكد أن عملية رفع الدعم ستوفر للخزينة نسبة 50الى70%من المبلغ المخصص بمعنى حوالي 9إلى 12مليار دولار… والباقي طبعا يحول في شكل منح إلى حوالي 9إلى 10 مليون مواطن محتاج إلى الدعم..(دعم العائلات بدل الأفراد)، فيما انتقد الغموض الذي يلف كيفيات تطبيق هذا الإجراء .. هل بطريقة تدريجية خلا فترة زمنية محددة ام عن طريق الصدمة big bang.. ولكل وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية ؟يتسائل..
وابرز المتحدث، انه وبالنظر إلى المبلغ المستهدف من هذه العملية (9الى 12مليار دولار)، فان الأمر لا يستحق هذه المغامرة خاصة أن الحكومة تنفق اضعافه في شكل دعم غير مباشر واعفاءات ضريبية لصالح المستثمرين وكبريات الشركات ..يضاف لها التهرب والتّحيّز الضريبي، حيث أصبح _ يضيف _ الأجراء وبسطاء التجار والحرفيين يشكلون الوعاء الأهم للتحصيل الضريبي في ظل الفساد وعدم تحكم أجهزة الدولة في السوق وغياب رؤية استراتيجية في تنظيم السوق ورقمنة إدارة الضرائب ومراجعة قانون الضرائب المجحف في حق المؤسسات المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا ، نقلا عن خبابة..
وفي حديثه عن مبررات ترشيد النفقات وحصر الدعم على مستحقيه وتخفيف العبء على الخزينة العمومية وترشيد الاستهلاك والقضاء على ثقافة الريع والقضاء على التهريب والحد من التبذير في الطاقة والمواد الاستهلاكية، اكد انها مبررات قوية يتقاسمها الكثير من الجزائريين، غير أن توقيت العملية وغموض تفاصيلها وعدم اشباعها بالنقاش وعدم إشراك المعارضة في الموضوع قد يجعل تجسيدها صعبا للغاية بل قد تكون مقاومتها أعنف من تلك التي نراها اليوم من قبل النقابات العمالية الحقيقية، على حد تعبيره.
كما اضاف :”ان التعويل على نقابة سيدي السعيد أو نقابات المحفظة او المنظمات تحت الطلب او بعض المؤسسات الإعلامية المأجورة لم يعد لها أي تأثير في الميدان .. وبالتالي فإن توجه السلطة للحوار والتفاوض مع ممثلين حقيقيين للمجتمع سياسيا ونقابيا هو أقصر طريق للتوافق على انتقال اقتصادي سلس تتحمل كل الفئات جزءا من تبعاته ويتقاسم الجميع آثاره.. ولا يمكن في تقديري فصل الاقتصادي عن السياسي فالأمر حزمة واحدة متشابكة”، ليتابع :”وبالمقابل فان إرادة الحكومة لعولمة الاسعار يقتضي منها في المقابل نفس الإرادة والعزيمة في عولمة الأجور التي تظل بعيدة كل البعد عن متوسط سلم الأجور في الدول المثيلة اقتصاديا للجزائر… كما ينبغي النظر في هشاشة مناصب الشغل والوظائف غير القارة والوظائف والمهن الموسمية وكذلك الأعمال الحرة والنشاطات الخدمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة أساسا بالطلب العمومي …
إن تحسين مناخ الاستثمار الوطني والمحلي وتحرير المبادرة الاقتصادية وتنظيم المجال لتكافؤ الفرص وتاطير الإدارة والقطاع الاقتصادي العمومي بطاقات بشرية ونخب على اساس الكفاءة لا على اساس الولاء الحزبي او الجهوي والتحكم في القدرات المختلفة لا سيما العقارية منها التي يتيحها الإقليم كفيلة بتغيير استراتيجية الحكومة في البحث عن مداخيل أوسع وذات قيمة مضافة عالية…
تحتاج الحكومة في الوقت الراهن بدل السعي وراء (البقشيش) إلى مشاريع عملاقة تحرك الاقتصاد لعل البعض منها تمتلك الحكومة حتى دراساته التنفيذية والبعض الآخر خطوطه العريضة مبيّنة في المخطط الوطني لتهيئة الإقليم آفاق 2025″.
وختم مقاربته بالقول:”ان مباشرة انجاز الطريق السيار للهضاب العليا مثلا كمشروع استثماري مربح يتيح للمواطن المساهمة في تمويله كفيل بأن يعفي الخزينة من تمويله وكفيل ان يكون قاطرة لمشاريع استثمارية ضخمة كمٍّا ونوعا (عمرانية.. صناعية..فلاحية.. سياحية) بفعل توفر العقار والطاقة والمياه .. ويتيح للحكومة متنفسا لإعادة ترتيب أوراقها وتنظيم الاقتصاد بعيدا عن الضغوط” .هبة نور