في سابقة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الفنية والإعلامية الجزائرية، وجد الفنان مروان قروابي، نجل الفنان الكبير الحاج الهاشمي قروابي أحد أعمدة أغنية الشعبي، نفسه في قلب حملة تشهير واسعة بعد أدائه لدور سكرتيرة في المسلسل الرمضاني La Gazette، الذي يُعرض على قناة سميرة TV. هذه الحملة، التي اتخذت طابعًا عنيفًا على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تواجه بأي رد فعل واضح من زملائه الفنانين أو الفاعلين في المشهد الثقافي الجزائري، ما يثير تساؤلات حول غياب التضامن في الوسط الفني.
جسد مروان قروابي في المسلسل دور رجل يتقمص شخصية سكرتيرة داخل جريدة La Gazette، بهدف التجسس على مقالات زوجته الصحفية نسمة التي تؤدي دورها الفنانة صبرينة قريشي بعد أن وُظّفت وطُرد هو من الجريدة نفسها التي كان يشتغل بها، مروان قروابي تقمص دور السكرتيرة ليتمكن من التحصل على مقالات زوجته نسمة و مهاجمتها في برنامج إذاعي يقوم بتنشيطه قبل نشرها. هذا الدور، الذي ظهر فيه في الحلقات الحادية عشر والثانية عشر والثالثة عشر، كان ضمن حبكة كوميدية تسلط الضوء على الصراعات الإعلامية والزوجية بأسلوب ساخر.
ورغم أن تقمص الفنانين لأدوار نسائية في الأعمال الكوميدية ليس بالأمر الجديد في المشهد الفني الجزائري، حيث سبق لفنانين كبار مثل يحيى بن مبروك وحمزة فيغولي أن أدوا أدوارًا مشابهة دون إثارة نفس الجدل، إلا أن اللافت في قضية مروان قروابي هو الهجوم العنيف الذي تعرض له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي تجاوز حدود النقد الفني ليصل إلى الإهانة الشخصية والتشكيك في هويته وقيمه.
الأمر الذي يزيد من غرابة هذا الجدل هو أن مروان قروابي ليس حديث العهد بالتمثيل، فقد أثبت حضوره القوي في الموسمين الماضيين من خلال دوره المميز “سي لحلو” في مسلسل دار الفشوش، الذي بُث أيضًا على قناة سميرة TV، حيث لقي استحسان الجمهور. غير أن انتقاله من شخصية رجل في دار الفشوش إلى دور سكرتيرة في بعض حلقات La Gazette، جعله في مرمى نيران النقد، في مشهد يعكس تحولات في تقبل الجمهور لبعض الأدوار الفنية، ويطرح تساؤلات حول مدى استعداد المجتمع لاستيعاب حرية الإبداع الفني.
المثير في هذه القضية ليس فقط الحملة العنيفة ضد مروان قروابي، بل أيضًا غياب التضامن من زملائه في الوسط الفني. إذ لم تصدر أي بيانات دعم من ممثلين، مخرجين، أو مؤسسات ثقافية، وكأن الجميع فضّل التزام الصمت بدلًا من الدخول في مواجهة قد تكلفهم انتقادات مماثلة. هذا الصمت يطرح تساؤلات عميقة حول مدى استعداد الفنانين للدفاع عن حرية الإبداع في الجزائر، ومدى قدرتهم على الوقوف في وجه حملات التشهير التي تستهدف زملاءهم.
تسلط هذه الواقعة الضوء على معضلة أكبر تواجه المشهد الفني في الجزائر، حيث يجد المبدعون أنفسهم عالقين بين مطرقة التنمر الرقمي وسندان غياب الدعم المؤسسي. في ظل غياب موقف واضح من الجهات الثقافية والفنية، يبقى الفنان الجزائري معرضًا للرقابة المجتمعية، التي لا تتردد في استخدام وسائل التشهير لتقييد حرية الإبداع.
في الختام، تظل قضية مروان قروابي أكثر من مجرد هجوم عابر على فنان بسبب دور تمثيلي، بل تعكس إشكالية أعمق مرتبطة بالحريات الفنية في الجزائر. فهل ستدفع هذه الحادثة الفنانين إلى مراجعة موقفهم تجاه التضامن مع زملائهم؟ أم أن الصمت سيظل سيد الموقف، مما يفسح المجال لمزيد من الرقابة المجتمعية والتضييق على حرية التعبير الفني؟
سكندر