أعاد توثيق جديد لظهور الفهد الصحراوي المعروف باسم “أماياس” في شمال الحظيرة الثقافية الوطنية للأهقار بولاية تمنراست، يوم السبت 12 أفريل 2025، إحياء الأمل في بقاء هذا الكائن المهدَّد بالانقراض في بيئته الأصلية، كما جدّد النقاش حول أهمية تكثيف الجهود لحمايته في مواجهة التغيرات البيئية والأنشطة البشرية.
فقد تمكّن أحد المواطنين، خلال تنقله في المنطقة الواقعة بين “أمقيد” و”تفدست”، من رصد الفهد وتصويره عن بعد، في حدود الساعة الحادية عشرة صباحًا، وهو توثيق عفوي انتشر لاحقًا عبر منصة “فايسبوك” بعد أن تداوله أحد معارفه في مقطع فيديو نال تفاعلاً واسعًا. وقد قام المواطن بإبلاغ إطارات الديوان الوطني للحظيرة الثقافية، تحديدًا الفريق العامل على متابعة التنوع البيولوجي في القسم الإقليمي الشمالي الشرقي بإدلس، بما يعكس وعيًا بيئيًا متزايدًا لدى المواطنين.
وتُعدّ هذه المشاهدة الأولى من نوعها منذ مارس–أفريل 2020، حين رُصد الفهد “أماياس” في منطقة الأتاكور داخل قلب الأهقار، ضمن برنامج علمي دولي ساهم في تقديم بيانات هامة حول توزيع هذا الحيوان في شمال وغرب إفريقيا. ويؤكد التوثيق الجديد أن الفهد لا يزال يتواجد في هذه المناطق، رغم ندرته، ما يفرض تكثيف الجهود لتطبيق مخطط الحماية الذي أعدته وزارة الثقافة والفنون بالشراكة مع هيئات بيئية وطنية ودولية.
وفي هذا السياق، جدّدت وزارة الثقافة والفنون تأكيدها على أهمية مشروع الحظائر الثقافية الذي يشرف عليه الديوان الوطني للحظيرة الثقافية، باعتباره أحد أبرز آليات حماية التنوع البيولوجي في الجزائر. ويُذكر أن هذا المشروع يشمل إدماج علوم البيئة ضمن استراتيجيات التنمية المستدامة، مع التركيز على حماية الأصناف المهددة، وعلى رأسها الفهد الصحراوي، وذلك من خلال دراسات علمية نشرتها الوزارة وشارك فيها خبراء جزائريون بتقارير ومقالات توثق لخصائصه وتتابع تغيرات بيئته.
وثمّنت الوزارة، في بيانها، الحس المدني العالي للمواطن “علي” الذي بادر بتوثيق الظهور دون التدخل في المحيط الطبيعي للحيوان، مشيرة إلى أن مثل هذه المبادرات تمثل شراكة مجتمعية ضرورية في جهود الحماية البيئية. كما دعت المواطنين إلى اليقظة البيئية والمساهمة في رصد التحولات التي تمسّ التوازن الإيكولوجي، خاصة في فضاءات فريدة كحظيرة الأهقار، المصنّفة ضمن التراث العالمي.
إن الفهد “أماياس”، الذي طالما شكّل رمزًا لبيئة الصحراء الكبرى، يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى حماية فعالة ومستدامة. ويأتي هذا التوثيق الجديد ليذكّرنا بأن استمراريته مرهونة بمدى التزامنا تجاه الطبيعة، وبدور كل فرد في صون ما تبقّى من إرث بيولوجي يعكس غنى الجزائر الطبيعي والرمزي.
محمد الطيب