شهدت العاصمة الفرنسية باريس تصعيداً غير معهود في التوتر بين السلطتين القضائية والتنفيذية، حيث وجه مكتب المدعي العام انتقاداً حاداً وعلنياً لوزير الداخلية برونو ريتايو على خلفية تصريحاته بشأن قضية المؤثر الجزائري رفيق مزيان، المعروف إعلامياً باسم “قشيحة”.
وفي تطور لافت، اعتبر المدعي العام أن إعلان الوزير ريتايو عن اعتقال مزيان كان “متسرعاً”، مشدداً على أن مثل هذه الإعلانات تندرج حصرياً ضمن صلاحيات السلطة القضائية. وأكد المكتب في بيانه على المبدأ القانوني الراسخ بأن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.
وكشفت النيابة العامة أن ما جرى فعلياً كان تفتيشاً لمنزل مزيان ومصادرة أجهزته الإلكترونية، وليس اعتقالاً كما أعلن الوزير عبر منصة تويتر. وأضافت أن المؤثر الجزائري أُطلق سراحه لاحقاً مراعاةً لظروفه الصحية، مع استدعائه لاحقاً لاستكمال إجراءات التحقيق.
وتكتسب القضية أهمية خاصة في ظل التوترات القائمة بين فرنسا والجالية الجزائرية، حيث يرى مراقبون أن التعامل مع ملف “قشيحة” يعكس حساسيات سياسية واجتماعية أعمق. وشدد المدعي العام في بيانه على ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات، محذراً من تداعيات تدخل المسؤولين التنفيذيين في مسار التحقيقات القضائية.
وتحولت هذه القضية إلى اختبار حقيقي لمدى التزام المؤسسات الفرنسية بمبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء، خاصة في القضايا ذات البعد السياسي. كما أنها أثارت نقاشاً واسعاً حول حدود صلاحيات السلطة التنفيذية في التعليق على القضايا المنظورة أمام القضاء.
وتبقى الأنظار متجهة نحو تطورات هذه القضية التي تجاوزت بُعدها القانوني لتصبح محور جدل سياسي وقضائي يمس أسس النظام الديمقراطي الفرنسي.