في وقت تستعد فيه الجزائر لاستقبال عيد الأضحى المبارك عبر توفير أضاحٍ للمواطنين، ظهرت حملة تشويه ممنهجة طالت عملية استيراد الكباش، تمثّلت في نشر موقع إلكتروني يُدعى “صوت العرب 24” تقريرًا زائفًا يدّعي نفوق مئات رؤوس الأغنام المستوردة من رومانيا. التحقيق الذي أجرته “الطريق نيوز” يكشف زيف هذه الادعاءات، ويفضح خلفياتها الإعلامية والتقنية.
• رابط المقال الأصلي على موقع “صوت العرب 24”:
https://sawtalarab24.com/?p=1249
ادعاءات منسوبة إلى “مصادر” مجهولة.. بلا أي دليل ملموس
ينطلق التقرير المنشور في موقع “صوت العرب 24” بجمل إنشائية من قبيل: “أفاد عدد من المواطنين الجزائريين…” و “…أكّد إدريس.م، فلاح من بجاية…” دون تقديم هوية واضحة أو وثائق أو حتى مقابلات مرئية أو صوتية توثق الرواية.
أسلوب التعتيم هذا ـ المعتمد على “المصدر الخفي” ـ يسهل فبركته في غرف التحرير، ويُستخدم غالبًا لتلفيق محتوى إعلامي يصعب تتبعه.
حتى الصور والفيديوهات المرفقة بالمقال وُظّفت كأدلة مضلّلة، وهو ما سنكشفه لاحقًا في هذا التحقيق.
الصور.. مغربية الأصل، جزائرية الوجهة!
اعتمد مقال “صوت العرب 24” على صور قال إنها لأغنام نافقة في الجزائر. غير أن فريق “الطريق نيوز”، باستخدام أدوات البحث العكسي للصور، توصّل إلى أن الصورتين الرئيسيتين الواردتين في المقال ليستا جزائريتين أصلًا، وإنما هما:
1. صورة منشورة سنة 2019 على منصة “شوف تيفي” المغربية
وتُظهر قطيعًا من الأغنام النافقة في دوار “اخلوان” بإقليم تيزنيت المغربي، نتيجة إصابته بمرض “اللسان الأزرق”. وقد جاء في المنشور المرفق بها:
“اللسان الأزرق” يتسبب في نفوق قطيع أغنام ويستنفر سلطات تيزنيت […] وقد جرى إتلاف القطيع بكامله وحرقه ثم دفنه تحت الأتربة، مخافة انتشار العدوى…”
• رابط المنشور الأصلي على فيسبوك:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2539680346122138&id=453709124719281&set=a.453715978051929
2. صورة مقتطفة من فيديو على يوتيوب نشرته وسيلة إعلام مغربية
الفيديو يوثّق حالة نفوق أغنام في “سيدي بطاش” بإقليم بنسليمان بالمغرب، ويحمل عنوان:
“نفوق الأغنام الإسبانية بسيدي بطاش في ظروف غامضة”
وقد نُشر على قناة “موطني بْرَاسْ”، وهي وسيلة مغربية محلية.
• 🎥 رابط الفيديو على يوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=8tU_sE7TTbg
“صوت العرب 24”.. واجهة مغربية باسم عربي
يقدّم موقع “صوت العرب 24” نفسه كموقع إخباري عربي محايد، غير أن تتبّع محتواه وتحليل خطه التحريري يكشف تركيزًا ملحوظًا على مهاجمة الجزائر وتضخيم أي خبر سلبي عنها، في مقابل صمت تام عن الوضع الداخلي المغربي.
الموقع لا يملك هيئة تحرير معروفة، ولا يقدّم عناوين واضحة للتواصل، ويترأس تحريره شخص يُدعى “ليلى بن الرايس”، وهي صحفية غير معروفة في الأوساط الإعلامية المغاربية والعربية، ولا توجد أي مقابلة أو سيرة مهنية لها منشورة. ما يطرح احتمالًا قويًا أن يكون الاسم مستعارًا، مما ينزع عن الموقع صفة الشفافية والمصداقية.
تسييس شعيرة دينية.. ومسعى لضرب المرجعية الإسلامية
ما يثير التساؤل حقًا هو اختيار توقيت نشر المقال، تزامنًا مع استعداد الجزائريين للتضحية، في حين أعلنت المملكة المغربية رسميًا عدم تمكّنها من توفير الأضاحي للمواطنين هذا العام.
الربط الإعلامي بين الأضاحي الجزائرية والمرض أو الفشل، يعكس رغبة مبيّتة في تشويه ممارسة شعيرة دينية مقدسة، واستغلال الجانب العقدي لضرب صورة بلد مسلم من طرف بلد شقيق. وهي سابقة خطيرة تطرح تساؤلات أخلاقية حول توظيف الإعلام لتقويض مقومات الهوية الإسلامية في المنطقة.
مربط الفرس:
• الموقع “صوت العرب 24” نشر خبرا زائفا يعتمد على صور مغربية تعود إلى أعوام سابقة.
• لا يوجد أي مصدر موثوق أو معلن في تقريره حول الجزائر.
• التحليل الرقمي يؤكد أن الصور قديمة ومقتطعة من سياقات مغربية محلية.
• هوية رئيسة التحرير مجهولة تمامًا، والموقع لا يملك شفافية مهنية.
• مضمون المقال يكشف محاولة تسييس شعيرة دينية وضرب صورة الجزائر عربيًا.
تحقيق: محمـد الطيب