في خطوة مفاجئة، أعلنت نيكاراغوا سحب طلبها للتدخل في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والمتعلقة باتهامات بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. جاء هذا القرار بعد أقل من أسبوع على انسحاب نيكاراغوا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ما أثار تساؤلات واسعة حول دوافع هذه التحركات وتأثير الضغوط السياسية في مسار العدالة الدولية.
لماذا انسحبت نيكاراغوا؟
في 23 يناير 2024، قدمت نيكاراغوا طلبًا رسميًا للتدخل في القضية بناءً على المادة 62 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتي تتيح للدول التي لها “مصلحة قانونية” في القضية التدخل لدعم أحد الأطراف. إلا أن قرارها المفاجئ بالانسحاب في 1 أبريل 2025 طرح تساؤلات حول ما إذا كانت هناك ضغوط سياسية أو صفقات دبلوماسية وراء الكواليس.
إسرائيل والضغوط الدبلوماسية
لطالما استخدمت إسرائيل نفوذها السياسي والدبلوماسي لمنع أو تخفيف الضغوط القانونية والدولية عليها، سواء من خلال التأثير على قرارات الدول أو عبر الحلفاء الاستراتيجيين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لا يمكن استبعاد فرضية أن تكون تل أبيب قد مارست ضغوطًا مباشرة على نيكاراغوا، سواء عبر التهديد بعواقب اقتصادية أو دبلوماسية، أو حتى من خلال إغراءات سياسية واقتصادية.
تسارع الأحداث ضد القضية الفلسطينية
قرار نيكاراغوا بالانسحاب يتزامن مع سياق دولي متغير، حيث تشهد القضية الفلسطينية تحولات متسارعة على الساحة العالمية. رغم الدعم الذي حصلت عليه جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية، إلا أن بعض الدول التي كانت تدافع عن القضية الفلسطينية بدأت تتراجع أو تتبنى مواقف أكثر حذرًا، سواء تحت تأثير الضغوط الغربية أو بسبب تغييرات في مصالحها الوطنية.
أين يقف العالم العربي والإسلامي؟
مع تصاعد التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، يبقى السؤال الأهم، هل سيتحرك العالم العربي والإسلامي بجدية في دعمها قانونيًا وسياسيًا؟ في حين أن بعض الدول، مثل تركيا وإيران، استمرت في انتقاد السياسات الإسرائيلية، فإن العديد من الحكومات العربية ظلت مترددة أو اتبعت سياسات براغماتية تجاه إسرائيل، ما يجعل الموقف الرسمي العربي والإسلامي ضعيفًا مقارنة بالتحركات الإسرائيلية النشطة.
انسحاب نيكاراغوا من التدخل في القضية يضيف تحديًا جديدًا أمام الساعين لتحقيق العدالة الدولية للفلسطينيين. ومع استمرار محاولات إسرائيل لإجهاض أي تحركات قانونية ضدها، يبقى الأمل معقودًا على الدول التي لا تزال تؤمن بالعدالة والحق الفلسطيني. لكن، هل يكفي التعاطف الدولي دون تحرك ملموس من الدول العربية والإسلامية؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.