في احتفالية ثقافية جمعت بين وجدان الفقد وروح الأمل، أعلنت شبكة كفاءة الثقافية، يوم 5 جويلية الجاري، عن فوز الكاتب الشاب صلاح الدين تجيني بجائزة علولة الهامل لأدب الفتيان في دورتها الأولى، عن عمله الروائي “انحناء الزمان”. الجائزة التي اختارت أن تحمل اسم علولة الهامل، الابن الراحل للشاعر والمسرحي المعروف عبد الله الهامل، جاءت لتمنح اسمه الخلود في ذاكرة الأدب، وتمنح الكتاب الشباب فضاءً جديدًا للانطلاق.
جائزة بملامح وجدانية ورؤية تربوية
جاءت الجائزة كثمرة شراكة بين شبكة كفاءة الثقافية وعدد من الفاعلين في المشهد الثقافي الجزائري، على رأسهم وزارة الثقافة والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وقد اختير لها يوم 5 جويلية، عيد الاستقلال والشباب، موعدًا للإعلان عن الفائز، في رسالة رمزية تحتفي بالشباب والإبداع والذاكرة.
تحمل الجائزة طابعًا خاصًا، كونها تأسست تخليدًا لروح علولة الهامل، الذي وافته المنية في ريعان شبابه سنة 2024 في حادث مرور مأساوي. علولة هو نجل الشاعر عبد الله الهامل، مدير مسرح بشار الجهوي، ويُعرف عنه ارتباطه العميق بالفن والمسرح. وبقدر ما كان رحيله فاجعة في الوسط الثقافي، فإن الجائزة تشكّل اليوم مسعى لتحويل الفقد إلى مشروع أدبي مستدام.
“انحناء الزمان”.. الأدب حين يحاور الزمن
العمل المتوَّج، “انحناء الزمان”، يحاور الزمن من منظور شبابي فلسفي، ويقدّم رؤية سردية تسائل الواقع والخيال، وهو ما جعل لجنة التحكيم تعتبره عملا يستجيب بذكاء للرهانات الفنية والتربوية الموجهة لفئة الفتيان. وقد نافس هذا النص أعمالا أخرى وصلت القائمة القصيرة التي تم الإعلان عنها منتصف جوان.
الجائزة، التي خصصت مكافأة مالية بقيمة 50 مليون سنتيم جزائري، لم تكتف بمنح مبلغ مادي للفائز، بل رافقته بعدة امتيازات: نشر العمل ضمن منشورات دار “خيال”، غرس نخلة باسمه في ولاية تندوف، إمكانية تحويل العمل إلى نص مسرحي، وتخصيص 20 بالمئة من مداخيل العروض المحتملة للمؤلف.
دعم للمواهب الشابة وتشجيع للكتابة التربوية
استهدفت الجائزة فئة الشباب الذين يكتبون للفتيان من سن 14 إلى 20 سنة، واشترطت على المشاركين أن تكون أعمالهم غير منشورة، في أحد الأجناس الثلاثة: الشعر (بحد أدنى 20 نصا)، القصة القصيرة (ما لا يقل عن 5000 كلمة)، أو الرواية (ما يفوق 10000 كلمة). وقد لاقت المبادرة ترحيبا واسعا من قبل دور نشر ومؤسسات تربوية ومهتمين بأدب الطفل والفتيان.
يُنتظر أن تساهم الجائزة في إحياء الكتابة الموجهة لهذه الفئة العمرية، بما تحمله من رهانات تربوية وتحديات لغوية، خاصة وأنها تتوجه لجمهور لطالما عانى من التهميش في الإنتاج الأدبي المحلي.
نحو موسم أدبي جديد يحمل اسم علولة
تحمل جائزة علولة الهامل لأدب الفتيان نَفَسًا تجديديًا في المشهد الثقافي الجزائري، من خلال سعيها لدمج الأدب بالتربية، وربط الإبداع بالذاكرة، وجعل الكتابة أداة للوفاء وللمستقبل في آن واحد. وإذا كانت الدورة الأولى قد كرّست صوتًا شابًا في بداية طريقه، فإن الدورات القادمة ستكون امتحانا حقيقيا لمواصلة الحلم الذي بدأه “علولة” واختطفه الموت مبكرًا.
محمد الطيب