قال عرفت رواية “الهراب”، اقبالا منقطع النظير في معرض الكتاب الأخير ، لصاحبها “موهوب رفيق”، مدير جريدة الصوت الآخر، وهي ثاني رواية له بعد “منام ميت” التي شارك بها في الطبعة السابقة.
فبعد أزيد من 25 سنة في عالم الصحافة، في مختلف الوسائل الإعلامية المكتوبة، ها هو اليوم يلج عالم الرواية والإبداع من بابه الواسع.
كان لموقع “الطريق نيوز” هذا الحوار مع الكاتب موهوب رفيق على هامش معرض الكتاب.
بداية أستاذ، المتابع لكتاباتك الروائية يستشف أنها تستند لمرجعية تاريخية، فما قولك ؟
في أي روية كانت التاريخ يأخذ حيزا مهما في الكتابات الروائية، قد يكون تاريخ بطل أو ذاكرة العديد من الشخصيات في الرواية ،أما بالنسبة لي فإن تكويني الأكاديمي يأخذ حيزا مهما في كتاباتي، كوني متخرج من معهد التاريخ بجامعة الجزائر.
لديا الآن روايتان، الأولى حول الفترة العثمانية والثانية حول التسعينات، حاولت من خلالها تسليط الضوء على البقع المظلمة في التاريخ العثماني المهمش من النمظومة التربوية والإعلامية في الجزائر، وكذا فترة التسعينات التي عرفت تجاذبات دموية.
وبصراحة هل ترى أن الجمهور الجزائري مهتم بهذا النوع من الروايات والأعمال ؟
الجمهور الأدبي مهتم جدا بكل ما هو تاريخ لأنه عامل مشترك، ولابد للاشارة أن التاريخ الجزائري مقرصن من طرف فرنسا بسبب احتجازها للأرشيف الجزائري وهو ثروة يمكن استغلالها أدبيا .
كما أن الكتابة في التاريخ ألهمت العديد من الكتاب الذين نالوا جوائز مهمة على غرار ما فعل عبد الوهاب عيساوي في “الديوان الإسبرطي” التي فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية في عام 2020، وبلقاسم مغزوشن في “مؤذن المحروسة يؤذن في ليفورنة” التي فازت بجائزة الروائي الجزائري الطاهر وطار في طبعتها الأولى في عام 2017، ونبيل بن علي الذي فازت روايته “جاسوس الجزائر العاصمة” المنشورة بالفرنسية بجائزة “الأقلام الفرنكفونية” في عام 2017.
ما هي المراحل التي تمر عليها الرواية حتى تتبلور في شكلها النهائي ؟
الرواية عندي تعتمد بالضرورة على لحظة تاريخية فارقة، ألجئ في البداية إلى جمع المعلومات التاريخية حول الفترة المراد الكتابة حولها، جيث أدرس طريق الكلام، اللباس وأهم الشخصيات المحيطة بالبطل، أضغ في ذهني ومخيلتي سيناريو يتكور حسب الأحداث، مع ادخال بعض العناصر أو المواقف التي نعيشها يوميا، فمثلا قد يكون وزيرا في العهد العثماني لكنك من خلال الحوار وتطوره في الرواية يخيل اليك أنه وزير في عهد العصابة مثلا وهكذا دواليك يعني أنني أعتمد على اسقط الواقع على بعض اللحظات التاريخية كان الواقع يعيد نفسه في التاريخ وليس العكس .
أما عن نفحات الكتابة لدي فهي مختلفة قد أكتب وأنا في القطار أو في قارعة الطريق إذ يتحول الهاتف الذكي إلى كناش أدون فيه كل فكرة شاردة ومع الوقت يحدث التراكم المطلوب .
شاركت في معرض الكتاب مؤخرا بإصدارك الجديد الذي يحمل عنوان “الهراب” هو عنوان إصدارك الجديد، عنوان يعكس شخصية سمات شخصية مستهترة متنصلة المسؤولية، فهل هو عنوان يعكس الرواية حقيقة هذه الصفات؟
العنوان هو نتاج للتطورات التي حدثت في الرواية، الهراب لم يتهرب من المسؤولية فقط بل خلف ورائه خرابا لا يعالجه الزمن فلقد دخلت زوجته المصحة العقلية وأولاده تفرقوا بين أفراد العائلة، في حين وجد هو نفسه في جربة لدى أقرانه من نفس الديانة.
فلقد تعمدت استعمال الدارجة في العنوان حتى يكون قريبا لفهم القارئ الجزائري الذي نتوجه له بالحكاية فيحدث له بعض التشويق لمعرفة خبايا الرواية .
هي محاولة لتسليط الضوء على جانب مهمل في المجتمع الجزائري، بل يعد من الطابوهات الإجتماعية لثقل ما يحمل من التصورات الإجتماعية السلبية، حيث تعالج بجرأة وجدية موضوع تواجد العنصر اليهودي داخل المجتمع الجزائري كمكون له حضوره التاريخي عبر الجغرافيا وفي ذاكرة الشعب الجزائري الثقافية.
في أزقة حي القصبة، حيث تسكن ذاكرة الجزائريين الجماعية، حافظة لمظاهر تلك الحضارات الغابرة التي مرت خلالها، حيث تتقاطع ثقافات صارعت النسيان
تنسج الرواية حكاية بطلها داوود اليهودي، الذي عايشت عائلته كل الأحداث التاريخية الجزائرية الكبرى، بدءًا من الحقبة الاستعمارية إلى الاستقلال، وصولا إلى العشرية السوداء، حيث تتطور الأحداث وتتشابك لتشكل بيئة روائية تعكس مرحلة التسعينات المظلمة تتخللها أعمال جوسسة بطلها داوود اليهودي، وجرائم قتل أبطالها أشباه بشر فقدوا إنسانيتهم، وأخبار عن أشخاص قاوموا الظلم والإحتلال ولم يعلم عنهم الناس شيئا.
رواية الهرّاب تجمع في أسلوبها بين الرواية البوليسية، والتاريخية، والواقعية، حيث يوظف الكاتب حقائق تاريخية لينسج حولها قصة جاسوس، ويربط بينهما بأخبار لأسر جزاىرية تعيش حياتها البسيطة في مرحلة كان عنوانها الأكبر هو الخوف والموت.
كوثر خليدة