أسدل الستار، سهرة الجمعة 4 جويلية 2025، على فعاليات الطبعة الـ15 من المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي، الذي احتضنه مسرح الهواء الطلق بمدينة المدية، وسط أجواء احتفالية تزامنت مع إحياء الذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب. دورة هذه السنة جاءت بطابع خاص، إذ حملت اسم الكاتب الساخر والأكاديمي الراحل عمار يزلي، في لمسة وفاء لمسيرته الإبداعية التي أغنت المشهد الثقافي الجزائري بفكر ساخر ونقد اجتماعي راقٍ.
“النصف الآخر” يظفر بجائزة أفضل عرض متكامل
تُوّجت مسرحية “النصف الآخر”، من إنتاج الجمعية الثقافية المثلث الواقي للمسرح بقالمة، بجائزة “العنقود الذهبي” لأحسن عرض متكامل، بقرار لجنة تحكيم ترأسها الكاتب والأكاديمي محمد الأمين بحري، وضمت إلى جانبه الفنانة منيرة روابحي فيسة، والممثل حكيم دكار، والفكاهي مراد أوجاووت.
العرض الفائز، وهو من تأليف سعيدي عبد الوهاب وإخراج عريبي حمدي، لم يكتف باللقب الأهم، بل حصد باقة من الجوائز النوعية، من بينها:
جائزة أحسن إخراج للمخرج عريبي حمدي؛
جائزة أحسن نص مسرحي للكاتب سعيدي عبد الوهاب؛
جائزة أحسن أداء رجالي للممثل محمد بزاحي؛
جائزة أحسن توظيف موسيقي للفنان سليم مخانشة.
“الورطة” و”وأخيرًا” تحصدان الجوائز النوعية
أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فعادت إلى مسرحية “الورطة”، من إنتاج جمعية شباب وفنون بتابلاط (المدية)، والتي نال مخرجها هلالي محمد إشادة خاصة من اللجنة، إلى جانب تتويجها بجائزة أحسن سينوغرافيا للمصممة داوي إيمان.
وفي فئة الأداء النسائي، تألقت الممثلة جوهرة دراغلة، التي افتكت جائزة أحسن أداء نسائي عن دورها في مسرحية “وأخيرًا”، من إنتاج المسرح الجهوي “عبد المالك بوقرموح” ببجاية.
عروض متنوعة وحس فكاهي متجدد
في تقريرها الختامي، نوهت لجنة التحكيم بالمستوى العام للعروض المسرحية السبعة التي شاركت في المنافسة الرسمية، مؤكدة أن التقييم ارتكز على معايير فنية صارمة، منها: أصالة النصوص، تجدد الطرح الكوميدي، توظيف الأدوات المسرحية، والقدرة على دمج الحس الفكاهي بمضمون اجتماعي هادف.
وأكدت اللجنة أن أغلب العروض قدّمت تصورات فنية تعكس وعيًا متزايدًا بضرورة تطوير الكوميديا المسرحية بعيدًا عن النمطية والابتذال، مما ساهم في خلق تفاعل حيوي بين الخشبة والجمهور.
وفاء للكوميديا الجزائرية الأصيلة
من جانبه، اعتبر محافظ المهرجان السيد سعيد بن زرقة، في كلمته الختامية، أن نجاح هذه الدورة يرسّخ مكانة المهرجان كمحطة أساسية في خارطة التظاهرات المسرحية الوطنية، وفضاءً للإبداع الكوميدي الهادف، ومرآةً تعكس تنوّع الحس الفكاهي الجزائري، خاصة في ظل مشاركة فرق شابة استطاعت أن تفرض وجودها في الساحة.
وأشار إلى أن تسمية الدورة باسم الراحل عمار يزلي لم تكن مجرد تكريم، بل دعوة لاستلهام تجربته في صياغة الضحك الذكي، وتحويل السخرية إلى أداة فنية للتأمل والنقد.
هكذا، تختتم الطبعة الخامسة عشرة من مهرجان المسرح الفكاهي بالمدية، مؤكدة من جديد أن الكوميديا ليست ترفًا، بل فعل مقاومة فني، ومساحة للتفكير والضحك في آن. ومع بروز أعمال جديدة وطاقات شابة، تتجدد آمال عشاق الركح في أن يواصل المهرجان أداء دوره كجسر بين الماضي والمستقبل في مسرح الضحك الجزائري.
محمد الطيب