لا تزال غزة ترزح تحت قصف عنيف بأحدث القنابل والتقنيات الحربية التي لا تميز بين البشر والحجر. عدوان همجي مستمر منذ أشهر، حصد عشرات الآلاف من الأرواح، جلّهم من المدنيين، في ظل صمت دولي مخزٍ، وتواطؤ عالمي يكرّس الاحتلال ويسعى لطمس حقوق الفلسطينيين المشروعة في أرضهم.
ما يجري اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو جريمة إبادة تُنفَّذ أمام أنظار العالم. المستشفيات، المدارس، دور العبادة، وحتى الصحفيون لم يسلموا من الاستهداف المباشر، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية. ومع ذلك، تقف المنظمات التي تصف نفسها بـ”الإنسانية”، والتي لطالما تدخلت في شؤون الدول الأخرى تحت غطاء “حقوق الإنسان”، عاجزة تماماً عن حماية الفلسطينيين، أو حتى اتخاذ موقف حاسم يضع حداً لهذه المجازر.
التواطؤ العالمي وازدواجية المعايير:
المفارقة الكبرى تكمن في أن الدول التي تدّعي الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان تلتزم الصمت أو تكتفي بإصدار بيانات جوفاء، في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل عدوانها بدعم غير مشروط من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة. بات واضحاً أن الكيان الصهيوني لا يكتفي بتهديد فلسطين، بل أصبح عاملاً مهدداً للأمن والاستقرار العالمي، دون أي مساءلة أو رادع.
حراك عالمي ضروري:
لم يعد الصمت خياراً، ولم يعد التنديد الإعلامي كافياً. العالم بحاجة إلى حراك شعبي وسياسي حقيقي يجبر الأنظمة الحاكمة على اتخاذ مواقف جريئة. يجب على الشعوب في مختلف الدول تصعيد الضغط على حكوماتها، من خلال تنظيم احتجاجات واسعة، ومحاصرة السفارات الأمريكية والإسرائيلية، والمطالبة العلنية بوقف العدوان فوراً.
كما أن على الدول الحرة التي لا تزال تؤمن بالعدالة، أن تتحرك على الصعيد الدبلوماسي والقانوني لمقاضاة الاحتلال أمام المحاكم الدولية، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليه، تماماً كما فعلت مع دول أخرى بسبب انتهاكات أقل بكثير مما ترتكبه إسرائيل يومياً.
التحرك الآن قبل فوات الأوان:
ما يجري في فلسطين هو اختبار حقيقي لضمير العالم. استمرار العدوان يعني مزيداً من المجازر، ومزيداً من التهجير والدمار. وإذا لم يتحرك العالم اليوم، فسيجد نفسه غداً في مواجهة واقع أكثر عنفاً واضطراباً، حيث تصبح سيادة القانون وحقوق الإنسان مجرد شعارات خاوية.
الحرية تنتزع ولا تُوهب، وفلسطين اليوم تنادي كل أحرار العالم: لا تكونوا شركاء في الجريمة بصمتكم.
محمد لمين مغنين