مع حلول شهر رمضان، تصبح الدراما الجزائرية الحدث الأبرز على الشاشات، حيث تتنافس الأعمال التلفزيونية على جذب انتباه المشاهدين. لكن إلى جانب القصة والإخراج والأداء، يبرز عنصر آخر لا يقل حضورًا، لكنه يثير الكثير من الجدل: الإعلانات المدمجة داخل المشاهد، أو ما يُعرف بـ”السبونسور”.
في جوهره، يُعد “السبونسور” (Sponsoring) شكلاً من أشكال التسويق غير المباشر، حيث يتم دمج المنتجات والخدمات داخل المشاهد الدرامية بطريقة توظيفية، بدلاً من الاكتفاء بالفواصل الإعلانية التقليدية. عندما يُستخدم بذكاء، يصبح هذا الأسلوب أداة فعالة لتعزيز واقعية المشهد، كما نرى في الإنتاجات العالمية، حيث يتم إدخال العلامات التجارية بطريقة طبيعية تخدم السياق الدرامي.
لكن في الدراما الجزائرية، يبدو أن المعادلة مقلوبة، حيث لا يتم توظيف المنتوج لخدمة القصة، بل تُفرض المنتجات فرضًا على المشاهد، ما يؤدي إلى كسر إيقاع العمل وإضعاف تأثيره الفني.
في العديد من المسلسلات الرمضانية الجزائرية، لا يمر مشهد دون ظهور علامة تجارية واضحة، سواء كانت شركة هواتف، أو مشروبًا غازيًا، أو حتى مطعمًا بعينه. في كثير من الأحيان، يشعر المشاهد بأن بعض اللقطات لا غاية لها سوى الترويج للمنتج، مما يفقد القصة تسلسلها المنطقي.
تخيل مشهدًا دراميًا مؤثرًا بين شخصين في مقهى، حيث يُفترض أن يكون التركيز على الحوار العاطفي أو التوتر الدرامي، لكن الكاميرا تنحرف فجأة لتركز على كوب يحمل شعار مشروب معين، أو شاشة هاتف تُستخدم بطريقة مبالغ فيها. هنا، يتبدد التأثير العاطفي، ويشعر المشاهد وكأنه يشاهد إعلانًا مدسوسًا داخل الدراما بدلاً من أن يكون عنصرًا طبيعيًا في المشهد.
لا أحد ينكر أن التمويل عنصر أساسي في الإنتاج التلفزيوني، وأن الشركات الراعية تلعب دورًا حاسمًا في دعم الصناعة. ومع ذلك، فإن المشكلة لا تكمن في وجود الإعلانات داخل الدراما، بل في الطريقة التي يتم بها إدراجها. عندما يصبح الإعلان عنصرًا متجانسًا يخدم القصة، يكون ذلك مقبولًا، أما عندما يُفرض بشكل اعتباطي، فإنه يسيء إلى جودة العمل ويضعف تجربة المشاهدة.
المشاهد الجزائري اليوم أكثر وعيًا، وهو قادر على التمييز بين التوظيف الذكي للمنتجات وبين الإقحام التجاري الفجّ. ما تحتاجه الدراما المحلية هو إعادة النظر في كيفية دمج الإعلانات داخل المشاهد، بحيث يتم ذلك بسلاسة دون أن يشعر الجمهور بأنه مستهدف بشكل مباشر.
في النهاية، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن للدراما الجزائرية أن تحقق معادلة التوازن بين الإبداع الفني والضرورات التجارية، أم أن السبونسور سيظل عقدة تفقد الأعمال رونقها؟