تحمل الأغنية الشعبية الجزائرية نكهة خاصة في شهر رمضان، حيث تزداد شعبيتها مع الليالي الرمضانية التي تمتزج فيها الألحان التراثية بأجواء السمر والتلاقي العائلي. فهي ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل جزء من الهوية الثقافية التي تعكس أصالة المجتمع الجزائري، وقيمه الاجتماعية والدينية.
رمضان والأغنية الشعبية.. تراث متجدد
يعود ارتباط الأغنية الشعبية بشهر رمضان إلى تقاليد عريقة، حيث كانت السهرات الرمضانية فرصة للم شمل العائلات حول الفن الأصيل. فالمقاهي العتيقة، والزوايا، والساحات العامة لطالما كانت مسرحًا لأعمدة الفن الشعبي مثل دحمان الحراشي، الحاج محمد العنقى ، وعمار الزاهي، الذين صنعوا مجد هذا اللون الغنائي العريق.
وفي ليالي رمضان، تحضر القصبة والبندير والعود لترافق الأصوات الشجية، فتصدح بأغانٍ تحمل الحكم والتجارب الحياتية، وتعكس هموم البسطاء وأحلامهم. أما الموشحات والأغاني الدينية ذات الطابع الشعبي، فتأخذ نصيبها في هذه الفترة، حيث تعبر عن روحانية الشهر الفضيل، وتجمع بين الفن والتعبير الإيماني العميق.
عبد القادر شاعو.. صوت حيّ للفن الشعبي في رمضان
ضمن هذا السياق، يلتقي عشاق الطرب الشعبي بواحد من رواده الكبار، الفنان القدير عبد القادر شاعو، الذي سيحيي سهرة فنية يوم الاثنين 17 مارس بالمسرح الوطني الجزائري، انطلاقًا من الساعة العاشرة مساءً.
يعدّ شاعو أحد أبرز أعمدة “الشعبي “، حيث تميّز بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين المدرسة التقليدية والتجديد في الأداء.
ستُتاح للجمهور فرصة الاستمتاع بروائع من ريبرتوار الأغنية الشعبية، التي تعكس عبق الزمن الجميل، وتعيد إحياء إرث فني غنيّ، ظلّ صامدًا أمام تغيرات الزمن.
السهرات الشعبية.. فضاء للتواصل والاحتفاء بالتراث
في ظل التغيرات التي طرأت على المشهد الفني، تظلّ هذه السهرات الرمضانية بمثابة جسر يربط الأجيال الجديدة بجذورها الثقافية، خاصة في وقت أصبح فيه الطرب الشعبي يواجه تحديات التحديث والمزج مع أنماط موسيقية أخرى. لذلك، تبقى مثل هذه المناسبات فرصة للحفاظ على هذا اللون الفني وتعريف الشباب به.
إن حضور حفلة عبد القادر شاعو، ليس مجرد متابعة فنية، بل هو غوص في تراث متجدد، حيث تلتقي الكلمات العميقة بالألحان العريقة، لتشكل فسيفساء من الذكريات التي تأبى الاندثار.
محمد الطيب