في مشهد جديد من مشاهد البروباغندا الرديئة، تداولت بعض المنصات الإعلامية الموالية لنظام المخزن خبراً مثيراً مفاده “مقتل أربعة ضباط سامين من الجيش الجزائري في قصف إسرائيلي استهدف العاصمة الإيرانية طهران”، زاعمة أن مصادرها “إعلامية ومتطابقة”. لكن، كما يقول المثل الشعبي: “إذا عُرف السبب بطل العجب”.
فقليلاً من التمحيص كفيل بكشف زيف هذه الادعاءات، إذ تبيّن أن مصدر “الخبر العاجل” ليس وكالة أنباء دولية ولا حتى صحيفة محلية، بل منشور فايسبوكي كتبه حساب باسم “فاتيتو كازاوية”، وهي ناشطة افتراضية عُرفت بإلمامها العميق (!) بشؤون الشرق الأوسط من شرفة منزلها، وبقدرتها الخارقة على الربط بين وقائع النشرة الإخبارية وأحداث المسلسلات التركية.
“فاتيتو”، التي لا تزال صورة حسابها تثير تساؤلات ذوقية وفنية، لم تكتفِ بنشر “المعلومة الحصرية”، بل دعمتها بقائمة أسماء مزعومة لـ”الضحايا”، تصدّرها اسم لافت: تاج الدين المغولي… أحد الشخصيات الخيالية في مسلسل “قيامة أرطغرل”! وهكذا يصبح بطل درامي في عالم الفن، شهيداً عسكرياً في خيال إعلامي مختلّ.
ما يجري ليس مجرّد عبث بمصداقية المعلومة، بل تمرين يومي على صناعة الأكاذيب وترويجها، في محاولة مستميتة لزرع الفتنة وتغذية خطاب الكراهية تجاه الجزائر. ولعلّ الأخطر من الكذب نفسه، هو استسهال تداوله، والانقياد الأعمى وراء عبارات مثل “حسب مصادر متطابقة”، دون مساءلة أو تحقق.
إن من يتابع أداء هذه المنصات يدرك أن معركتها ليست من أجل الحقيقة، بل ضدها. فحين تتحول الدراما إلى مصدر، وتُساق الشائعات كحقائق، فإننا لا نكون أمام إعلام، بل أمام ماكينة دعاية لا تحسن إلا تسويق الوهم والتضليل.
ولعلّ أبرز ما تكشفه هذه الحادثة، أن بعض الجهات لا تزال تعيش في زمن “المعلومة المصنوعة”، عاجزة عن مجاراة الرأي العام الذي بات أقدر على التمييز بين الحقيقة والخرافة، وبين الخبر والصورة المقتبسة من مسلسل تلفزيوني!
محمد الطيب