لا يكاد يمر يوم دون أن نرى إشاعة جديدة تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تكون حول وفاة شخصية معروفة، سواء كانت فنية، رياضية أو سياسية. آخر ضحايا هذه الظاهرة كان اللاعب الدولي الجزائري السابق جمال مناد، حيث انتشرت أخبار مغلوطة عن وفاته، ما دفع شقيقه سليم مناد إلى الخروج عن صمته لتفنيد الشائعات، مؤكدًا أن شقيقه لا يزال على قيد الحياة، رغم تدهور حالته الصحية.
حين يتحول المرض إلى مادة للإشاعات
الملفت في الأمر أن هذه الإشاعات غالبًا ما تستهدف أشخاصًا يعانون من أمراض خطيرة، وكأن البعض يرى في معاناتهم فرصة لجذب الانتباه وجني المشاهدات والتفاعلات. بمجرد انتشار خبر مرض شخصية معروفة، تبدأ بعض الحسابات في نشر أخبار كاذبة عن وفاته، دون أي تحرٍّ أو احترام لأهل المريض أو مشاعر محبيه.
ويبقى التساؤل عن هذا السلوك، وعن الدوافع الحقيقية وراء ترويج إشاعات الوفاة، قائلًا: “لا ما الهدف من ذلك؟ هل هو التفاعل؟”.
الهوس بالتفاعل.. هل أصبح كل شيء مباحًا؟
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح “الترند” والبحث عن التفاعل هدفًا بحد ذاته، حتى لو كان على حساب الآخرين. البعض لا يتردد في نشر أخبار غير مؤكدة، فقط لكسب بعض الإعجابات أو التعليقات، متجاهلين الأثر النفسي المدمر الذي قد تسببه هذه الأخبار لعائلة المريض وأصدقائه.
هل يعقل أن يصل بنا الهوس بالتفاعل إلى درجة إعلان وفاة شخص وهو لا يزال حيًا؟ هل من الطبيعي أن يتمنى شخص موت آخر فقط ليحصل على بعض المشاهدات؟ هذه التصرفات تطرح تساؤلات جدية حول مدى وعي بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وأخلاقيات النشر الإلكتروني.
المسؤولية القانونية والأخلاقية
من الناحية القانونية، ترويج الأخبار الكاذبة، خاصة تلك المتعلقة بحياة الأشخاص، يعد جريمة يعاقب عليها القانون في العديد من الدول، باعتبارها تمس بالأمن النفسي والاجتماعي. ومع ذلك، نجد أن أغلب مروجي هذه الأخبار يختبئون خلف شاشاتهم دون خوف من أي محاسبة.
أما من الناحية الأخلاقية، فإن إطلاق إشاعة حول وفاة شخص مريض هو تصرف مشين وغير إنساني، يعكس غياب الضمير وانعدام الإحساس بالمسؤولية.
كيف نحارب هذه الظاهرة؟
للتصدي لمثل هذه الإشاعات، يجب اتخاذ عدة خطوات، منها:
التحقق من مصادر الأخبار قبل إعادة نشرها، خاصة عندما يتعلق الأمر بحياة الأشخاص.
فرض عقوبات على مروجي الأخبار الكاذبة، سواء من خلال القوانين أو عبر سياسات المنصات الاجتماعية.
رفع الوعي بخطورة نشر الشائعات، من خلال حملات توعوية تدعو لاحترام خصوصية الأفراد، خاصة في الأوقات الحرجة مثل المرض أو الأزمات.
ختامًا.. الإنسانية قبل كل شيء
نحن بحاجة إلى إعادة النظر في طريقة تعاملنا مع الأخبار، خاصة تلك التي تمس حياة البشر. التفاعل والمشاهدات لا يجب أن يكونا مبررًا لنشر الأكاذيب، فالحياة الإنسانية أثمن من أن تتحول إلى وسيلة للبحث عن الشهرة الزائفة.
إذا كان هناك درس يجب أن نتعلمه من هذه القضية، فهو أن التحقق من صحة الأخبار مسؤولية جماعية، وأن احترام مشاعر الآخرين يجب أن يكون أولوية، مهما كانت مغريات التفاعل والإثارة.
سكندر