زكرياء حبيبي
كما أشرنا إليه في مقالتين سابقتين، فإن إلغاء الحكومة الإسبانية برئاسة الاشتراكي بيدرو سانشيز عقد شراء ذخائر من شركة صهيونية ليس سوى الشجرة التي تُغطي الغابة، على الرغم من التصريحات حول الحظر المفروض على الأسلحة الصهيونية منذ بداية الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في 7 أكتوبر 2023.
وغداة إلغاء عقد شراء 15 مليون رصاصة للحرس المدني، أكدت مصادر أيبيرية أن القوات المسلحة الإسبانية ومعهد القوات المسلحة والشرطة الوطنية الإسبانية تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والمعدات التي يُوفرها الكيان الإسرائيلي المجرم.
وكانت الذخيرة الملغاة مخصصة لمسدسات وبنادق الحرس المدني، والتي جاءت من نفس الشركة التي كانت ستزودها بالخراطيش، وهي شركة Guardian Homeland Security، وهي شركة تابعة لشركة IMI، والتي بدورها تنتمي إلى شركة Elbit الصهيونية.
وفي عام 2020، قامت الشركة الصهيونية، التابعة لآلة الإبادة الجماعية الصهيونية، ببيع آلاف مسدسات “رامون” إلى وزارة الداخلية الإسبانية. وأثناء الاختبار، واجهوا، بحسب بعض الجمعيات، مشاكل عند استخدام الذخيرة من علامات تجارية أخرى. لقد علقوا. ولهذا السبب أراد قسم فرناندو غراندي مارلاسكا شراء الرصاص منهم لحل المشكلة.
المشكلة هي أن العقد تم منحه في أكتوبر الماضي، أي بعد عام من حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الصهيوني. وكانت وزيرة الدفاع مارغريتا روبليس قد أكدت في رسالة إلى شركائها في حزب “سومار” أن إسبانيا لن تشتري أسلحة للبلاد اعتبارًا من 7 أكتوبر 2023.
وأكد حزب سومار بقيادة يولاندا دياز موقفه داخل حكومة سانشيز، مما أجبر على إلغاء العقد مع شركة “غارديان” في حين تم إضعاف وزير الداخلية الإسباني مارلاسكا، مع العلم أن عقد شراء ما يقرب من 500 لوحة باليستية “عالية الحماية” بهدف تعزيز المعدات الفردية للحرس المدني، والذي تم منحه لشركة غارديان الصهيونية، لا يزال قائما.
وفي خضم هذا الجدل، كشف مركز “ديلاس” لدراسات السلام أن إسبانيا منحت 46 عقداً بقيمة تزيد عن مليار يورو لشركات عسكرية صهيونية؛ منذ بداية الحرب على غزة. وهو رقم يُعري نفاق وزيري الدفاع والداخلية روبليس ومارلاسكا، وكذلك رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، الذي ادعى ويدعي الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وترتبط القوات المسلحة الإسبانية ومستقبلها ارتباطًا وثيقًا بصناعة الأسلحة الصهيونية. على سبيل المثال، بعد زيارة بيدرو سانشيز إلى حدود غزة خلال زيارته إلى مصر، اشترت وزارة الدفاع الإسبانية 168 قاذفة صواريخ مضادة للدبابات. والفائز بالعقد هي شركة “باب-تكنوس”، وهي الفرع الإسباني لشركة “رافائيل” الصهيونية. ويبلغ إجمالي هذا المبلغ 237.5 مليون يورو.
وتعتمد إسبانيا أيضًا على التكنولوجيا الصهيونية في مجال الاتصالات. على سبيل المثال، جهاز الراديو E-LynX التابع لشركة Elbit الصهيونية. وتتولى شركتا Telefónica وAicox مسؤولية تجميع هذا العنصر في إسبانيا بموجب ترخيص. هذه الأنظمة مخصصة لمختلف المركبات المدرعة التي يستخدمها الجيش الإسباني. على سبيل المثال، فيما يتعلق باتصالات مركبة القتال ذات العجلات X88 Dragon المستقبلية، وهو مشروع دفاعي كبير.
أما المشروع الكبير الآخر، وهو نظام إطلاق الصواريخ “سيلام”، فيتطلب أيضاً تكنولوجيا صهيونية. ورغم أن التصنيع يتم من قبل شركتي Escribano وExpal، فإن بعض الأجزاء الأساسية حاصلة على براءات اختراع من قبل شركة Elbit الصهيونية نفسها. وتقول مصادر مقربة من القضية إن هذا التجميع هو في الواقع “نسخة” من شركة “البولس الصهيونية”.
وفي سبتمبرالماضي، وقعت إسبانيا أيضًا عقدًا بقيمة 207.4 مليون يورو لشراء 46 نظام توجيه ليزر من طراز Litening V لذخائر طائرات “يوروفايتر” المقاتلة الجديدة البالغ عددها 45 طائرة والتي سوف تستلمها القوات الجوية الإسبانية في السنوات القادمة. وتأتي هذه الأنظمة من الشركة الصهيونية المذكورة “رافائيل”، على الرغم من أن شركتي “إندرا” و”تكنوبيت” تُشاركان في توريدها.
كما قامت شركة “نت لاين”، وهي شركة صهيونية أخرى، بتزويد وزارة الدفاع الإسبانية بأجهزة تشويش الترددات للمركبات العسكرية. وتم توقيع الاتفاقية الإطارية في عام 2009 وتم تمديدها حتى فبراير 2023.
وتتداول الشركات الصهيونية على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي إكس صوراً ومقاطع فيديو تحتفي بغارات جيش الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة. وتشارك شركة Guardian Defense & Homeland Security، الشركة التي فازت بعقد بقيمة 6.6 مليون يورو لتوريد 15.3 مليون طلقة ذخيرة إلى وزارة الداخلية الإسبانية، بدون تحفظ رواية نظام الفصل العنصري الصهيوني وجنرالاته المجرمين في تل أبيب.
“غارديان ديفينس” معترف بها قانونيا في إسبانيا من قبل وزارة الداخلية منذ عام 2006. وقد أسسها “أعضاء سابقون في أجهزة الأمن المختلفة” للكيان الصهيوني، بما في ذلك الأجهزة الخاصة. في واقع الأمر، فإن مديريها ومؤسسيها، “أرييل معزوز” و”إيلان أرزوان”، هما عميلان خاصان سابقان لأجهزة الاستخبارات الصهيونية. ويرأس الشركة الجنرال الصهيوني المتقاعد “يُوم توف ساميا”.
غزة والضفة الغربية، ميدان تجاربهم
إن الشركة الأم لشركة IMI Systems هي أفضل مثال على ما كشفه الكاتب والصحفي اليهودي الأسترالي أنتوني لوينشتاين في كتابه: “لقد حولت الهجمات العسكرية الصهيونية قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة إلى أرض مثالية لاختبار وتجريب الأسلحة للمجمع العسكري التكنولوجي الصهيوني”. و”تُوجه قوتها العسكرية وتكنولوجيتها نحو الاحتلال اليومي للضفة الغربية والعمليات العسكرية المتتالية في غزة التي ظلت تحت الحصار لما يقرب من عقدين من الزمن”. و”هناك يتم اختبار الأسلحة وتطويرها، ثم يقوم الكيان الصهيوني بتصديرها إلى دول أخرى”.