زكرياء حبيبي
في أول زيارة له إلى الخارج، يجد رئيس جهاز الاستخبارات للحرس المدني الإسباني الجديد، الجنرال لويس بيلايز بينيرو، نفسه وسط جدل أثاره لجوء وزارة الداخلية الإسبانية لشراء تراخيص لشركة البرمجيات الصهيونية “سيليبريت”.
عند وصوله إلى الرباط، استقبله عبد اللطيف الحموشي، رئيس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني، وهو الذي يقف، إلى جانب ياسين المنصوري، رئيس المديرية العامة للدراسات والمستندات (المخابرات الخارجية)، وراء الاستخدام العشوائي لبرنامج التجسس الصهيوني بيغاسوس ضد المعارضين المغاربة والناشطين الصحراويين والقادة الأجانب، بما في ذلك بيدرو سانشيز ووزرائه الرئيسيين.
وحسبما ذكرت السلطات الأمنية المغربية، نقلا عن وكالة المغرب العربي للأنباء، اتفق المغرب وإسبانيا، أمس الأربعاء، على تعزيز تعاونهما الأمني في مواجهة التهديدات الإرهابية، خاصة في المناطق غير المستقرة مثل منطقة الساحل.
وفي يناير الماضي، توجه الحموشي إلى مدريد، واجتمع في الرباط مع خافيير أنطونيو سوسين بيرسيرو، المفوض العام للإعلام في الشرطة الوطنية الإسبانية. وقبل عام من الآن، شارك الحموشي في احتفالات الذكرى المئوية الثانية لتأسيس الشرطة الوطنية الإسبانية في مدريد. ويعتبر مهندس عملية التجسس المغربية الضخمة باستخدام بيغاسوس، داخل حدود المغرب وخارجها، والتي راح ضحيتها عدد كبير من المثقفين والصحفيين وكبار المسؤولين الأجانب من فرنسا وإسبانيا والجزائر، على سبيل المثال لا الحصر.
وتزامنت زيارته لإسبانيا مع إعادة فتح المحكمة الوطنية للقضية المتعلقة بالتجسس على بيدرو سانشيز ووزراء الداخلية والدفاع والزراعة، فرناندو غراندي مارلاسكا ومارغريتا روبليس ولويس بلاناس، باستخدام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي.
وتُخيم ظلال المغرب على التحقيق، في ظل طلبات جديدة من فرنسا. وبحسب ما ذكرت صحيفة “إل إنديبندينتي” الإسبانية، فإن مارلاسكا وروبلس يستخدمان نفس اسم المستخدم “بيغاسوس”، الذي أصاب الهواتف المحمولة للنشطاء الصحراويين وشخصيات المعارضة المغربية.
حرب المخابرات واكتشاف النفق وهروب الرجل الثاني في المديرية العامة للدراسات والمستندات
تزامنت الزيارة السرية لعبد اللطيف الحموشي، التي تطرقنا لها في مقال سابق، مع قضية هروب المهدي الحجاوي، الرجل الثاني السابق في المديرية العامة للدراسات والمستندات (المخابرات الخارجية المغربية)، واكتشاف النفق السري في سبتة بين إسبانيا والمغرب. وهي زيارة جرت في خضم حرب المخابرات المغربية وحرب خلافة محمد السادس.
وحسب صحيفة “إل كونفيدينسيال” الإسبانية، فإن الحجاوي فر من المغرب بحثا عن ملجأ في فرنسا، حيث تعرض، على ما يبدو، لضغوط وتهديدات قبل وصوله إلى إسبانيا. وخوفا من تسليمه إلى المغرب أو تصفيته من قبل الأجهزة المغربية، اختفى في ظروف غامضة، تاركا العديد من التساؤلات معلقة حول مصيره وعواقب انشقاقه.
كان مهدي الحجاوي مسؤولاً كبيراً في الاستخبارات المغربية، وكان الرجل الثاني في قيادة المديرية العامة للدراسات والمستندات، تحت قيادة ياسين المنصوري، أحد المقربين من الملك محمد السادس. وقد سمح له دوره داخل جهاز الأمن بالوصول إلى معلومات حساسة للغاية، وخاصة فيما يتعلق بـ:
-عمليات المغرب السرية في الخارج
-العلاقات بين الرباط وحلفائها الدوليين، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني.
– برنامج التجسس بيغاسوس وتداعياته في أوروبا،
-فساد النخب السياسية والاقتصادية الأوروبية المتورطة في معاملات تجارية مع المغرب.
إن انشقاق المهدي الحجاوي يشكل كارثة حقيقية بالنسبة للمديرية العامة للمخابرات الخارجية ونظام المخزن. ويحمل هذا المسؤول الكبير أسرارا خطيرة من شأنها أن تعرض العديد من العمليات السرية المغربية للخطر، خاصة في أوروبا وإفريقيا.
وقد أدت قضية الحجاوي إلى تفاقم الصراع الداخلي بين المديرية العامة للدراسات والمستندات، برئاسة ياسين المنصوري، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني/المديرية العامة للأمن الوطني، تحت قيادة عبد اللطيف الحموشي. ويُعتبر الأخير لاعبا قويا في أجهزة الأمن المغربية، ولم تعد منافسته مع المنصوري لغزا. ويأتي هذا التوتر الداخلي في وقت يمر فيه النظام المغربي بفترة من عدم الاستقرار، وخاصة في ظل الحالة الصحية المتدهورة لمحمد السادس، الذي يبدو غائبا بشكل متزايد عن شؤون البلاد.
علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية قلص بشكل كبير وجوده في المغرب خلال السنوات الثلاث الماضية. وبحسب مصادر مطلعة، تم استدعاء عناصر الاستخبارات الإسبانية دون إبداء أي تفسير رسمي، ليبقى حضورهم إداريا بحتاً، خاليا من أي مهمة مراقبة.
رسميًا، تنفي اللجنة الاستخبارات الإسبانية أي انسحاب، وتزعم أن “الاحتياجات المعلوماتية يتم تغطيتها”، لكن الحقائق ترسم صورة مختلفة.
جماعات الضغط الإسبانية في خدمة نظام المخزن
بالإضافة إلى الزعماء الاشتراكيين، بيدرو سانشيز وزوجته بيغونا غوميز فرنانديز، وخوسيه لويس رودريغيز ثباتيرو، وفيليبي غونزاليس (رؤساء الحكومات الإسبانية السابقين)، وخوسيه مانويل ألباريس، وميغيل أنخيل موراتينوس (وزير الخارجية الحالي والسابق)، وفيراناندو غراندي مارلاسكا (وزير الداخلية الحالي) الذين يخدمون المخزن وخططه التوسعية وعدائه تجاه جيرانه، يوجد اليوم مكتب يُسمى “أسينتو للشؤون العامة”، أسسه الوزير الاشتراكي الإسباني السابق بيبي بلانكو ويتكون من نواب سابقين من الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي الإسباني، والذي يلعب دورا رئيسيا في الضغط الأوروبي لصالح الرباط.
لقد سمح نظام المخزن لمكتب أسينتو بالوصول إلى مستوى جديد من حيث رقم الأعمال في بروكسل، وفقًا لسجل الشفافية في الاتحاد الأوروبي. وهو رقم قياسي لهذا المكتب الذي تأسس على أنقاض نظام الحزبين الإسبانيين، والذي نجح في إعادة تدوير الشبكات السياسية الأيبيرية في خدمة النفوذ د