يعتبر العنوان المدون أعلاه عنواناً كتبته منذ أكثر من سبع سنين في أحداث مشابهة ستبقى وصمة عارٍ في جبين من تسبب في حدوثها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
شهدت، ليلة السبت ، أمسيةً غير عادية بالنسبة لأنصار مولودية الجزائر، الذين عادوا من مدينة بسكرة بعد أن تحول الحماس وفرحة الفوز إلى رعب حقيقي، حين تعرضت سياراتهم وحافلتهم لاعتداءات عنيفة على مستوى ولايتي أولاد جلال والمسيلة، في مشادات خطيرة كادت أن تتحول إلى مجزرة حيث تم توثيق حافلة حطمت وأُحرقت، وأرواح رُعبت، وكأننا في مشهد من الحرب وليس في طريق رياضي داخل بلد واحد، يفترض أن يجمع لا أن يفرّق.
ولا يعتبر هذا الاعتداء الخطير الأول، وقد لا يكون الأخير، في ظل سكوت الرهيب، والتراخي الواضح من الجهات المسؤولة عن كرة القدم في الجزائر ، فتكرار هذه الأحداث والمشاهد جعل من الملاعب فضاءً للعنف والكراهية، بدل أن تكون مساحة للتنافس النزيه والترفيه يلتقي فيه أبناء هذا الوطن الشاسع ليعرفوا بثراتهم وثقافاتهم المتنوعة .
هذه الأحداث تعيد ذكرى المناصر “ياسين”، رحمة الله عليه التي لم تجف بعد، وها نحن أمام مأساة جديدة قد تخفي وراءها مآسي أخرى إن لم يتم التحرك بشكل جاد وصارم.
أحداث العنف التي أصبحت تتكرر أسبوعيًا، لا تقتصر على المناصرين فقط، بل امتدت لتشمل حتى اللاعبين داخل أرضية الميدان. سلوكيات غير أخلاقية ولا رياضية، كما حصل مؤخرًا مع اللاعب بن غيت من شباب بلوزداد بعد مباراة فريقه ضد ترجي مستغانم، واللقطة المستفزة التي أثارت استياء الرأي العام، ناهيك عن تصرفات لاعب اتحاد خنشلة يوم الجمعة، وكلها صور تكرس الانحطاط الأخلاقي الذي يغرق فيه الدوري الجزائري.
ولم يعد ما يحدث اليوم مجرد شغب ملاعب، بل أزمة قيم، وأزمة تسيير، وأزمة بين شعب واحد بحيث لم تعد الرياضة توحد الجزائريين، بل باتت في كثير من الأحيان، الشرارة التي تُشعل نار الحقد الجهوي في مشهد لا علاقة له بكرة القدم ولا بالوطن.
وفي وقت ينفق المال العام بسخاء على عديد الأندية مفلسة رياضيًا وأخلاقيًا، دون أي فائدة تُذكر للمنتخب الوطني أو للكرة الجزائرية ككل لازلنا نرى مستوى هزيل، ونتائج ومباريات مشبوهة والسلوكيات مخزية، وعنف يهدد وحدة الوطن.
ولم يعد الحل في حملات التوعية الباهتة، ولا في بيانات استنكار صادرة عن هيئات فقدت كل مصداقية بحيث أصبح المطلوب اليوم قرارٌ شجاع، بتجميد الدوري مؤقتًا، وفتح ورشات حقيقية لإعادة بناء المنظومة الرياضية من الصفر، وفق أسس تربوية، قانونية، وتنظيمية، تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وتُعيد للرياضة معناها الحقيقي.
عبدالصمد تيطراوي